في مدينة إدلب، المدمرة بفعل الحرب والصراع، يتحول فن الشارع إلى صوت يعبر عن معاناة السكان وأحلامهم. فالجدران باتت لوحات تجسد قصص الحياة اليومية وتحديات البقاء، ليصبح هذا الفن رمزًا للأمل والصمود، ورسالة إلى العالم عن حق الناس في حياة كريمة.
تاريخ فن الشارع في إدلب وكيف بدأ؟
ظهر فن الشارع في إدلب بشكل متزايد خلال سنوات الحرب، حيث تحولت جدران المنازل المتضررة إلى لوحات فنية تعبر عن معاناة السكان وآمالهم.
في البداية، كانت الرسومات تقتصر على الشعارات البسيطة التي تعكس مطالب الشعب، ثم تطورت لتشمل لوحات فنية معقدة تتناول مواضيع مثل الحرية، العدالة، والسلام.
أصبحت الجدران وسيلة للتعبير عن الأصوات التي لم تتمكن وسائل الإعلام التقليدية من إيصالها، مما جعل هذا الفن رمزًا للمقاومة وصوتًا لحق الأبرياء في إيصال صوتهم للعالم.
الأبعاد الفنية والاجتماعية لـ فن الشارع:
لا يقتصر فن الشارع في إدلب على الرسومات الجميلة فقط، بل يحمل أبعادًا اجتماعية وسياسية، يعكس هذا الفن قصص المعاناة اليومية التي يعيشها الناس، من القصف والتهجير إلى الأمل في العودة للحياة الطبيعية.
تتنوع الرسومات في مضمونها؛ فبعضها يحمل رسائل تحدٍّ للسلطات والقوى الخارجية. بينما يسعى بعضها الآخر إلى توحيد المجتمع وتعزيز الروح الجماعية.
يقول الرسام “جهاد” من بنش شمال شرق إدلب: “ألوان الجدران هي نبض الشعب، ولها تأثير نفسي قوي على المارة الذين يجدون فيها عزاءً ووسيلة للتواصل”.
التحديات التي تواجه فناني الشارع:
يواجه فنانو الشارع في إدلب تحديات كبيرة. أبرزها الوضع الأمني غير المستقر الذي يهدد حياتهم أثناء العمل على الجدران. كما تشكل قلة الموارد الفنية وصعوبة الحصول على أدوات الرسم عائقًا آخر.
ورغم هذه الظروف الصعبة، يواصل الفنانون تحدي الأوضاع باستخدام إبداعهم، حيث يعتمدون على المواد المتاحة مثل الطلاء المنزلي وأقلام الرسم العادية.
أصوات من الميدان:
في حديث خاص لـSY24، قال الفنان “جهاد”: “بدأت الرسم على الجدران عندما شعرت أن صوتنا لا يصل. أردت أن أترك بصمتي وأحكي للعالم قصتنا من خلال الألوان”.
وقالت الفنانة “سلام”: “الفن هو طريقتنا للتغلب على الخوف والظروف القاسية. الجدران هي صفحاتنا البيضاء التي نحكي عليها أحلامنا وآلامنا”.
تعكس هذه الأصوات مدى ارتباط الفن بالوجدان الشعبي وكيف يحاول الفنانون نقل مشاعرهم ورسائلهم ومعاناة الشعب رغم المخاطر.
دور فن الشارع في رسم مستقبل أفضل:
لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه فن الشارع في تعزيز الأمل وصياغة مستقبل أفضل للمنطقة. وذلك من خلال الرسومات التي تدعو للوحدة والسلام، يتعلم الأطفال والشباب أن الفن يمكن أن يكون أداة قوية للتغيير.
كما أن هذه الأعمال تساهم في تحسين المشهد العام للمدينة، مما يعطي الناس شعورًا بأن الحياة مستمرة رغم كل شيء. وقد يصبح فن الشارع أداة لترميم الجراح المجتمعية وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع.
فن الشارع في إدلب ليس مجرد رسومات وألوان على الجدران، بل هو نبض المدينة وروحها. يعبر عن آمال شعبها وتحدياته.
وسط الحرب والدمار، يظل الفن وسيلة للمقاومة وصوتًا للأمل الذي لا ينطفئ. ليذكر الجميع بأن الأمل يمكن أن ينبثق حتى من قلب الخراب.
إقرأ المزيد: كواليس الريشة والألوان.. معاناة وإبداع الرسامين في إدلب