يعاني القطاع الطبي في إدلب من نقص حاد في التمويل بسبب توقف المساعدات الدولية، إلى جانب تدمير المرافق الصحية بسبب القصف المستمر. رغم هذه الظروف، تسعى المبادرات المحلية والدولية للتخفيف من المعاناة وتحسين الرعاية الصحية لسكان الشمال السوري.
تأثير نقص الدعم المادي وتوقف المنظمات الدولية
منذ بداية النزاع، شكلت المنظمات الإنسانية والداعمة العمود الفقري للنظام الصحي في إدلب من خلال توفير الأدوية والمستلزمات الطبية وأجور الكوادر الطبية، ولكن مع توقف الدعم الدولي للكثير من هذه المنظمات بسبب تغييرات سياسية أو جغرافية، بدأت المستشفيات والمراكز الصحية تعاني من نقص حاد في المواد الأساسية.
يقول الطبيب “خالد”، مدير أحد المستشفيات في ريف إدلب: إن “التمويل أصبح محدودًا جدًا، لم نعد قادرين على شراء الأدوية الأساسية مثل المضادات الحيوية أو الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة.، ويضيف: “في بعض الأحيان، نضطر إلى تأجيل العمليات الجراحية أو تقديم العلاج فقط للمصابين الحرجين”.
ويواجه الكادر الطبي تحديات متزايدة في تأمين الاحتياجات اللازمة لمواصلة العمل، إذ يعمل العديد من الأطباء والممرضين دون أي تعويض مادي أو معدات طبية حديثة، مما يؤثر بشكل مباشر على جودة الرعاية الصحية المقدمة.
تدمير المرافق الصحية بسبب القصف
تعرضت إدلب منذ بداية النزاع للقصف المستمر من قبل قوات النظام السوري والطيران الروسي، مما أسفر عن تدمير العديد من المرافق الصحية أو إلحاق أضرار جسيمة بها.
ووفقًا لإحصائيات مديرية الصحة في إدلب، فإن أكثر من 50% من المستشفيات والمراكز الصحية تعرضت للاستهداف المباشر، ولم يقتصر القصف على المرافق الطبية التي كانت ملاذًا لآلاف المرضى.
تتذكر الممرضة “سعاد”، التي كانت تعمل في مستشفى إدلب الجامعي، اللحظة التي تعرض فيها المستشفى للقصف العام الماضي. وتقول: “في لحظة واحدة، تحول كل شيء إلى خراب. كنا نستقبل المرضى في حالة طوارئ، وكان لدينا مرضى في غرف العمليات، لكننا اضطررنا لإخلاء الجميع بسرعة”.
تسببت هذه الهجمات في إغلاق العديد من المرافق الصحية أو تحويلها إلى أماكن غير آمنة للعمل. مما أدى إلى نقص حاد في الخدمات الصحية في المناطق التي كانت بحاجة ماسة إليها.
التحديات التي تواجه الكوادر الطبية
يعمل الكادر الطبي في إدلب في ظروف بالغة الصعوبة. حيث يعاني من الضغط النفسي والبدني بسبب نقص الإمكانيات والتعرض المستمر للمخاطر.
يقول الطبيب “ياسر”، جراح عام في إدلب: “في بعض الأحيان نعمل دون أدوات كافية، والمعدات الطبية لا تتوفر إلا بشكل ضئيل. نحن في خط المواجهة، وأحيانًا نتعرض للقصف أثناء العمل”.
وأضاف أن “الضغط النفسي هائل، فالعديد من المرضى في حالات صعبة، ونعجز عن تقديم العلاج الذي يحتاجونه”.
الممرضون أيضًا يعانون من الإرهاق والتوتر نتيجة ساعات العمل الطويلة في ظروف غير مستقرة. وأحيانًا يُطلب منهم العمل في مناطق قريبة من خطوط الجبهة حيث يواجهون خطر الاستهداف المباشر.
الحلول والمبادرات لمواجهة الأزمات الصحية
رغم هذه الظروف القاسية، لا تزال هناك العديد من المبادرات المحلية والدولية التي تحاول إيجاد حلول للتخفيف من المعاناة. فقد عمل العديد من الكوادر الطبية في المستشفيات بشكل تطوعي لفترات طويلة، محاولةً سد الفجوة الناجمة عن توقف الدعم الخارجي.
بالإضافة إلى ذلك، بدأت بعض المنظمات الصغيرة بتقديم مساعدات طبية جزئية وعيادات متنقلة لتغطية مناطق يصعب الوصول إليها. ورغم محدودية هذه الحلول فإنها تساهم في الحد من تأثير نقص الدعم.
كما ظهرت مبادرات تهدف إلى تدريب الكوادر الطبية على التعامل مع الظروف القاسية واستخدام الموارد المتاحة بكفاءة. مما يساعد في تحسين مستوى الرعاية الصحية في ظل هذه التحديات.
استمرار الجهود والأمل بالمستقبل
يواجه القطاع الطبي في إدلب تحديات غير مسبوقة بسبب قلة الدعم المادي واستمرار القصف. إلا أن الأطباء والممرضين يبذلون جهودًا كبيرة في تقديم الخدمات الصحية رغم الظروف الصعبة.
تتطلب الحلول الممكنة دعمًا دوليًا مستدامًا، بالإضافة إلى تعزيز المبادرات المحلية التي يمكن أن تسهم في تحسين الوضع الصحي في المنطقة.
ومع ذلك، يبقى الأمل في إيجاد السلام والتوصل إلى حلول دائمة هو الأمل الأكبر لكل من يعمل في هذا القطاع.