استهدفت غارات إسرائيلية منطقة القصير في ريف حمص، تزامناً مع تصاعد التوترات الإقليمية، بهدف ضرب المواقع الاستراتيجية للميليشيات المدعومة من إيران.
شملت جسوراً تربط بين قرى شرق وغرب نهر العاصي، بالإضافة إلى نقاط وحواجز عسكرية تابعة للنظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية له وفق مصادر محلية، حيث أكدت وقوع 11 إصابة تراوحت بين الطفيفة والمتوسطة وتسببت بأضرار جسيمة على البنية التحتية.
تفاصيل القصف والأهداف المستهدفة:
تركزت الغارات الإسرائيلية على جسر الحوز وجسر العدرا في ربلة وجسر الدف، إضافةً إلى مواقع عسكرية في القصير ومحيطها، كما استهدفت الغارات أيضاً نقاطاً عسكرية على حاجز الضبعة وحاجز المشتل، إضافةً إلى منطقة حوش السيد علي وعدد من المواقع التي تسيطر عليها ميليشيات إيرانية، وفقاً لمصادر متطابقة.
وأفاد مصدر عسكري تابع للنظام، أن القصف وقع حوالي الساعة 5:20 مساءً من جهة الأراضي اللبنانية، مؤكداً أن الهجوم ألحق أضراراً كبيرة بالجسور المستهدفة وأخرجها عن الخدمة، وقد أظهرت لقطات انفجارات واسعة عقب القصف، مما يعكس حجم الذخائر التي استهدفت المواقع، حسب ما وثق ناشطون محليون.
أسباب التصعيد الإسرائيلي ودلالاته:
تأتي هذه الغارات وسط تصاعد التوترات الإقليمية، حيث يسعى الجانب الإسرائيلي للحد من نفوذ “حزب الله” المدعوم من إيران في سوريا، خاصة في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية، وبحسب تصريحات الجيش الإسرائيلي، فإن هذه الضربات استهدفت مستودعات أسلحة ومقرات قيادة تابعة لوحدة “قوة الرضوان” المسؤولة عن التخطيط للعمليات العسكرية لحزب الله في سوريا، في إطار الجهود الإسرائيلية لمنع نقل وتخزين الأسلحة الإيرانية المتطورة في المنطقة.
وتشير هذه الغارات إلى محاولة إسرائيلية متواصلة لتعطيل خطوط الإمداد العسكري لحزب الله والميليشيات الإيرانية، وذلك ضمن سياسة طويلة الأمد تسعى لضمان عدم وصول الأسلحة المتطورة إلى الحزب ويعكس استهداف الجسور والنقاط الحدودية توجهاً نحو عزل المنطقة وعرقلة التحركات اللوجستية، في محاولة لتضييق الخناق على تحركات الميليشيات الإيرانية في القصير ومحيطها، التي تعد معقلاً استراتيجياً لها منذ التدخل الإيراني في النزاع السوري.
إلى جانب ذلك، من المتوقع أن تزيد هذه التطورات من حدة التوترات العسكرية بين مختلف الأطراف المتصارعة في سوريا، خاصةً أن القصير تعد من المناطق الحيوية الواقعة ضمن دائرة النفوذ الإيراني، مما يرفع من احتمالات حدوث تصعيد مستقبلي، وقد يؤدي هذا القصف إلى ردود فعل من الجانب السوري أو الإيراني، خاصةً مع تكرار استهداف المواقع العسكرية الحيوية.
القصير ومعركة النفوذ بين إسرائيل وإيران:
تعتبر مدينة القصير وريفها منطقة استراتيجية بالنسبة لحزب الله وإيران. حيث تقع على مقربة من الحدود اللبنانية السورية وتشكل نقطة عبور هامة للإمدادات العسكرية اللوجستية. ومنذ اندلاع الصراع في سوريا، أصبحت القصير معقلاً رئيسياً للميليشيات الموالية لإيران وحزب الله. حيث جرى استخدامها كمركز للتدريب وتجميع الأسلحة. وتبرز أهمية المنطقة بالنسبة لإسرائيل في إطار مساعيها لتحجيم دور إيران في سوريا ومنع تحولها إلى نقطة انطلاق لهجمات مستقبلية.
في حديث خاص مع الكاتب والمحلل السياسي الدكتور “باسل معراوي” قال: إن “سورية تشكل درة التاج للمحور الشيعي. فهي واسطة العقد الرابط بين حلقاته وتؤمن لإيران إطلالة على البحر المتوسط. وخط إمداد لحزب الله في لبنان، واكمال الإحاطة بكامل حدود اسرائيل من الشمال. فمنذ عام 2013 كانت تدور على الأرض السورية ما كانت تسمى (الحرب الرمادية). أو استراتيجية قص العشب التي كانت تمارسها اسرائيل. وذلك بضربات جوية لم تنقطع على التموضعات العسكرية الإيرانية النوعية. (محطات رادار، مصانع أسلحة دقيقة، مسيرات، غرف عمليات وتحكم) توجساً من تموضع إيراني قوي يهدد أمنها. خاصة بعدما فشل رهان العرب و الأمريكان والاسرائيليين على دور روسي فعال في تحجيم النفوذ الإيراني.
وأضاف، أن إسرائيل بدأت حرب مباشرة وليست بالوكالة بعد تدمير القنصلية الإيرانية في دمشق، والرد الإيراني عليها في نيسان الماضي. ولم يخف نتنياهو أهداف حربه في سوريا وغزة ولبنان. وهي تغيير وجه الشرق الأوسط والمقصود من كلامه هو طرد النفوذ الإيراني من المنطقة.
ولفت من خلال تحليله إلى أنه مع قدوم الرئيس ترامب لولاية جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية. شكل كارثة للإيرانيين ونظام الأسد. لأنه لا يخف مشروعه بإنهاء ملف الأذرع الإيرانية في المنطقة. والفترة المتبقية من ولاية بايدن ستكون فترة مريحة لنتنياهو لإطلاق يديه في إنهاء حرب لبنان. وإضعاف التواجد الايراني في سوريا تمهيداً لطرده. ويعتبر طرد النفوذ الإيراني من سوريا هدفا مجمعاً عليه من العرب والأمريكان والإسرائيليين والأتراك.
إذ يشير التصعيد الأخير في القصير إلى استمرار الصراع الإقليمي على النفوذ داخل سوريا. حيث تحاول إسرائيل من خلال هجماتها الجوية الحد من التوسع الإيراني وضمان أمنها القومي. ومن شأن هذه الضربات أن تزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية في المنطقة. حيث يظل المدنيون هم الخاسر الأكبر، ما بين تدمير البنية التحتية ومخاوف التصعيد العسكري المستمر.