شهد العام الماضي تصاعدًا كبيرًا في الهجمات على المدارس في شمال غرب سوريا بنسبة تجاوزت 200 % مقارنةً بالعامين السابقين وفق آخر تقرير لفريق الدفاع المدني السوري وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل طفل ومعلمة، وإصابة معلم آخر و 9 أطفال آخرين، ما يؤكد الطبيعة المتعمدة لهذه الاعتداءات.
وذكر التقرير الصادر يوم أمس توثيق 43 هجومًا على المدارس بين سبتمبر 2023 وسبتمبر 2024، مقارنة بـ 8 هجمات في 2022-2023، و10 هجمات في 2021-2022.
انتهاكات ممنهجة للقانون الدولي:
تُعد المدارس منشآت مدنية محمية بموجب القانون الإنساني الدولي، الذي يحظر استهدافها إلا إذا استُخدمت لأغراض عسكرية، ومع ذلك تُشير الأدلة إلى أن التحالف (السوري-الروسي) استهدف البنية التحتية المدنية بشكل ممنهج في مناطق مأهولة بالسكان دون وجود أهداف عسكرية واضحة، مما يُعد انتهاكًا لمبدأ التمييز وأحد أسس القانون الدولي الإنساني.
عواقب كارثية على التعليم:
تسببت الهجمات المتكررة في تدمير أو إلحاق الضرر بعشرات المدارس، ما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية وزيادة معدلات التسرب والنزوح، وخلال أكتوبر 2023 وحده تعرضت 27 مدرسة لأضرار أو دُمرت بالكامل، وبحلول منتصف نوفمبر 2024، وُثق 47 هجومًا على 40 مدرسة في شمال سوريا.
تهديد الهجمات على المدارس لمستقبل الأطفال:
شهدت مناطق شمال غرب سوريا، مثل إدلب وسرمين وأريحا وآفس، تصعيدًا في الهجمات على المدارس خلال العام الماضي، واللافت أن هذه المناطق، التي لم تتأثر بالزلازل، بل كانت ملاذًا للنازحين والأطفال الذين هربوا من المناطق المنكوبة، غير أن استمرار هذا الاستهداف يشير إلى تجاهل صارخ للقانون الإنساني الدولي ويعزز أزمة الإفلات من العقاب.
آثار مدمرة على الأطفال والتعليم:
الهجمات المتكررة على المدارس تسببت في خسائر بشرية وإصابات بالغة للأطفال والمعلمين. إلى جانب تأثير نفسي طويل الأمد مثل اضطراب ما بعد الصدمة والقلق. يشعر حوالي 19% من الأطفال بعدم الأمان في المدارس خوفًا من الغارات الجوية، وفقًا لمنظمة “أنقذوا الأطفال”، كما أدى تدمير المدارس إلى حرمان آلاف الأطفال من التعليم، وزاد من معدلات الأمية والتسرب الدراسي.
انعكاسات اجتماعية خطيرة:
فضلاً عن ذلك أدى تعطيل التعليم إلى ارتفاع معدلات الزواج المبكر بين الفتيات بسبب المخاوف الأمنية، في حين لجأ الفتيان إلى عمالة الأطفال لدعم أسرهم. أكثر من 35% من الفتيان غير الملتحقين بالمدارس في شمال غرب سوريا يعملون لكسب دخل. مما يزيد من معاناة هذه الفئة التي تعيش أصلاً ظروفًا قاسية.
دعوات للمساءلة وحماية الأطفال:
طالبت مؤسسة الخوذ البيضاء في تقريرها الحقوقي المجتمع الدولي بتفعيل آليات المساءلة لمحاكمة المسؤولين عن الهجمات على المدارس. وتقديم تقارير شاملة عن الانتهاكات ضد الأطفال. كما تدعو إلى إنشاء هيئات محلية لتوثيق الجرائم وضمان سلامة الشهود داخل سوريا. وتشدد الدعوات على ضرورة وقف الهجمات العشوائية على المرافق التعليمية وحماية حق الأطفال في التعليم.
استمرار الهجمات الممنهجة على المدارس في شمال غرب سوريا تمثل اعتداءً صارخًا على حقوق الأطفال ومستقبلهم. ويتطلب معالجة هذه القضية تحركًا دوليًا عاجلًا لضمان المساءلة والعدالة. وحماية المرافق التعليمية كمساحات آمنة للتعلم والنمو.
إقرأ أيضاً: تحديات التعليم عن بُعد في إدلب.. بين الأمل والمعاناة