في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها النساء في الشمال السوري، تشكل المبادرات المجتمعية فرصة حقيقية لدعمهن وتمكينهن مهنياً واقتصادياً، وتعد التدريبات المهنية ومعارض الأعمال اليدوية من أهم الأدوات التي تساعد النساء على اكتساب مهارات جديدة واستثمارها في تحقيق مصدر دخل مستدام.
“حكايات من خيوط وألوان” معرض نظمه المركز المدني في مدينة الأتارب أمس، ضمن مبادرة “مساحات لأجلك”، ويعد نموذجاً لهذه الجهود التي تهدف إلى تمكين النساء وتعزيز دورهن في المجتمع.
معرض يعكس الإبداع والجهد النسائي
يستمر افتتاح المعرض على ثلاثة أيام، ليكون تتويجاً لجهود أربع ورش تدريبية شاركت فيها 60 سيدة من مدينة الأتارب، خلال شهرين من التدريب المكثف، تعلمت المشاركات خلالها صناعة القطع الفنية باستخدام مواد متنوعة مثل الريزن والجبصين، إضافة إلى صناعة الشمع والأعمال اليدوية مثل التطريز، كما تضمنت التدريبات ورشة تسويقية لمساعدتهن على الترويج لمنتجاتهن بأساليب فعّالة.
ضم المعرض حوالي 500 قطعة يدوية بأحجام مختلفة، جميعها معروضة للبيع، ويعود ريع المبيعات بالكامل إلى النساء المشاركات، ما يساهم في دعمهن اقتصادياً ويشجعهن على الاستمرار في تطوير مهاراتهن.
إقبال مجتمعي وتشجيع للإبداع
“محمد شاكردي” مدير المركز المدني، أوضح في حديثه إلينا أن الإقبال على المعرض كان جيداً جداً، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي منه هو تقديم منصة تتيح للنساء عرض أعمالهن والترويج لها، وإثبات قدرتهن على الإبداع والعمل رغم التحديات القاسية التي تواجههن.
وأضاف: “نأمل أن تصل هذه الأعمال إلى أكبر عدد من سكان المدينة، لتعكس قدرة النساء على الإنتاج والابتكار في منطقة تُعد منسية على خريطة العالم”.
دور التدريبات في بناء مستقبل أفضل
لم يقتصر هدف الورش التدريبية والمبادرة على تمكين النساء اقتصادياً فقط، بل ركز أيضاً على توعيتهن بأهمية التعلم واكتساب المهارات المهنية والهوايات التي تتيح لهن استغلال أوقاتهن بطريقة بنّاءة، ويرى القائمون على المركز المدني أن هذه الجهود تمثل استثماراً في مستقبل النساء، ما يعود بالنفع عليهن وعلى المجتمع ككل.
إذ تشكل مثل هذه المبادرات بارقة أمل للنساء في الشمال السوري، حيث تتيح لهن فرصاً حقيقية لتطوير مهاراتهن وتحسين ظروف حياتهن المعيشية، وتعكس الأعمال المعروضة قوة النساء وإصرارهن على مواجهة التحديات وتحقيق النجاح، ويظل دعم مثل هذه الفعاليات والمبادرات ضرورة ملحة لتمكين النساء وتعزيز دورهن في بناء مجتمع أكثر استدامة وتكاتفاً.
