تفيد الأنباء الواردة من مناطق النظام السوري، بإغلاق العديد من المعامل والمنشآت الصناعية أبوابها في مشهد يعكس عمق الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في سوريا.
وفي المستجدات، انضم مصنع السيارات الإيراني “سايبا” إلى قائمة طويلة من المنشآت الصناعية التي أغلقت أبوابها، معلناً توقفه عن الإنتاج بعد مسيرة امتدت لعقدين من الزمن، في ظاهرة تؤشر إلى انهيار متسارع للقطاع الصناعي السوري.
وفي تصريحات لوكالة “إيلنا” الإيرانية، كشف رئيس غرفة التجارة الإيرانية- السورية عن توقف شركة “سايبا”، التي تعد الشركة الإيرانية الوحيدة لتجميع السيارات في سوريا، عازياً ذلك إلى “مشكلات عالقة بين البلدين”.
ورأى مراقبون أن هذا التوقف يضيف حلقة جديدة إلى سلسلة طويلة من الإخفاقات الصناعية التي تشهدها البلاد، حسب تعبيرهم.
وأكدت مصادر صناعية على توقف العشرات من المصانع والمعامل الرئيسية عن العمل في مختلف القطاعات الحيوية والاستراتيجية.
فقد شمل التوقف: معامل الكونسروة ومصانع السكر في الغاب وحمص والزيوت النباتية في القطاع الغذائي.
كما طال التوقف معامل الألمنيوم والمحركات والجرارات الزراعية في حلب ومعمل الأسمدة في حمص ومعمل الحديد في حماة في القطاع الصناعي الثقيل.
ولم يسلم قطاع النسيج والألبسة من هذا الانهيار، حيث توقفت معامل الألبسة في دمشق ومعامل الشركة الخماسية ومعمل النسيج ومعامل ألبسة زنوبيا وشمرا ومعمل ألبسة وسيم في دمشق.
كما شمل التوقف قطاعات متنوعة أخرى مثل معمل خشب المعاكس ومعمل الأحذية في السويداء ومعمل التبغ ومعمل الكبريت وأقلام الرصاص ومعمل البطاريات ومعمل البورسلان ومعمل إطارات أفاميا ومعمل الورق.
ويعزو خبراء اقتصاديون هذا الانهيار المتسارع إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث تصل أسعار الكهرباء إلى 16 سنتاً مقارنة بـ 3 سنتات في دول الجوار، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية وتكاليف النقل وصعوبة تأمين قطع الغيار.
ويشير الخبراء إلى تحديات اقتصادية أخرى تتمثل في تدهور قيمة العملة المحلية وصعوبة الحصول على التمويل والعقوبات الاقتصادية وضعف القدرة الشرائية في السوق المحلية.
من جهته، قال وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري لمنصة SY24: إن “هناك معامل كانت متوقفة حتى ما قبل اندلاع الثورة السورية مثل معمل أقلام الرصاص نتيجة عدم توافر المواد الأولية، وهذا أمر طبيعي أن تتوقف هذه المعامل اليوم، في ظل العقوبات وعدم توفر القطع الأجنبي وعدم القدرة على المنافسة، ومعامل القطاع العام أصلا كانت خاسرة نتيجة السياسات التي كانت تتم فيها إدارة هذا القطاع”.
وأضاف أن “الكثير من هذه المعامل اليوم بحاجة إلى المواد الأولية المستوردة والتي من الصعب استيرادها، كما أن هناك معامل تحتاج إلى مواد أولية منتجة محليا وبالتالي هذه المواد في منشآت خارج سيطرة النظام وهو غير قادر على تأمينها أو حتى استيرادها من الخارج، ومثال ذلك معمل الغزل والنسيج والتي تحتاج إلى القطن، وكذلك معمل الجرارات الذي كان بالأساس معمل تجميع وهو الآن يواجه صعوبة في تشغيله، إضافة إلى الكثير من المعامل التي باعها النظام لإيران كونه غير قادر على تشغيلها وإدارتها”.
وأشار إلى أن “توقف المعامل عن الإنتاج سيؤدي إلى الكثير من المشاريع المتعطلة وبالتالي سيؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي نظراً لعدم توفر الإمكانات المادية بسبب عجز النظام عن توفيرها، وكما يقال بالعامية (البيت المهجور يتحول إلى خرابة)”.
وتفاقمت الأزمة بسبب المشاكل الإدارية والتنظيمية، بما فيها البيروقراطية المعقدة وغياب الدعم الحكومي وعدم وجود خطط إنقاذ واضحة وتفشي الفساد الإداري، مما أدى إلى تسريح آلاف العمال وارتفاع معدلات البطالة وتراجع الصادرات وزيادة العجز التجاري.
وفي ظل تجاهل إعلامي ملحوظ من قبل النظام السوري وغياب أي خطط حكومية واضحة لمعالجة الأزمة، تتزايد المخاوف من استمرار توقف المزيد من المصانع والمعامل وتفاقم الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية، وفق مراقبين.