تواجه حقوق الأطفال في شمال غرب سوريا تحديات غير مسبوقة، حيث يتعرض قطاع التعليم لضغوط هائلة نتيجة النزوح المستمر، الفقر المدقع، وتدمير البنية التحتية التعليمية، ومع تصاعد معدلات التسرب المدرسي وعمالة الأطفال، إلى جانب ظاهرة الزواج المبكر، باتت حقوق الأطفال الأساسية، لا سيما في التعليم، عرضة للضياع. في ظل هذا الواقع الصعب، يصبح مواجه هذه التحديات ضرورة ملحة لضمان مستقبل أفضل لأجيال تعيش تحت وطأة الحرب والأزمات.
يأتي اليوم العالمي للطفل، الذي يوافق 20 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، ليذكر العالم بالحقوق الأساسية للأطفال التي أقرتها الأمم المتحدة في إعلان حقوق الطفل عام 1959 واتفاقية حقوق الطفل عام 1989، لكن هذه الحقوق ما تزال بعيدة المنال لملايين الأطفال في شمال غرب سوريا، الذين يواجهون تحديات يومية تعصف بمستقبلهم.
واقع التعليم: تسرب واسع وآمال غائبة
يشير بيان صادر عن فريق منسقو استجابة سوريا اليوم الأربعاء إلى أن أكثر من 2.3 مليون طفل في سوريا يعانون من التسرب التعليمي، بينهم 386 ألف طفل في شمال غرب سوريا وحدها، و84 ألفاً في المخيمات، وتتعدد أسباب التسرب، لكن أبرزها يكمن في عمالة الأطفال نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم قدرة العائلات على تحمل نفقات التعليم.
تقول “أم خالد” وهي نازحة من ريف إدلب تقيم في أحد مخيمات منطقة البردقلي بريف إدلب الشمالي: “لدي أربعة أطفال، اضطررت لإخراج اثنين منهم من المدرسة كي يساعدوني في تأمين قوت يومنا، التعليم أصبح رفاهية لا نقدر عليها”.
تضيف “أم خالد” أن أحد أولادها لا يجد مكاناً للدراسة سوى في خيمة صغيرة مع عشرات الأطفال، حتى الكتب والقرطاسية غير متوفرة.
إضافة إلى ذلك، تفاقم الزواج المبكر بعد النزوح، حيث تقول “أم محمد”. وهي أم لطفلة تبلغ من العمر 14 عاماً: “اضطررت إلى تزويج ابنتي بسبب الفقر، لم أستطع تأمين متطلباتها، وكانت المدرسة بعيدة جداً عن مكان سكننا”.
مئات الأسر التي تلجأ إلى الزواج المبكر للفتيات، وعمالة الأطفال للذكور بسبب الوضع المادي والمعيشي المتردي فضلاً عن تحديات أخرى. مثل بعد بعد المدارس عن أماكن السكن وصعوبة الوصول إليها وعدم القدرة على تحمل تكاليف أجرة المواصلات. إضافة إلى وجود تحديات أمنية مثل استهداف المدارس بشكل متكرر من قبل النظام السوري وحليفه الروسي.
تدمير المدارس وتحديات البنية التحتية
يشير البيان إلى أن القصف المكثف من قبل النظام السوري وروسيا أدى إلى تدمير المئات من المنشآت التعليمية وإخراجها عن الخدمة. وتقول الإحصائيات إن أكثر من 891 مدرسة دمرت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منها 266 مدرسة في شمال غرب سوريا.
عمالة الأطفال والزواج المبكر
تشكل عمالة الأطفال الهاجس الأكبر في مخيمات النزوح. حيث يعمل 37% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً في أعمال شاقة لتأمين لقمة العيش. ويعلق أحد الأباء قائلاً: “ابني البالغ من العمر 15 عاماً يعمل في البناء لساعات طويلة، أعلم أن هذا سيؤثر على مستقبله. لكننا مجبرون على ذلك”.
مستقبل قاتم
مع استمرار الأزمات الاقتصادية والنزوح، يتوقع الخبراء ارتفاع نسب التسرب التعليمي خلال الأعوام المقبلة. مما يهدد بإنتاج جيل يعاني من الأمية ويشكل عبئاً على المجتمع في هذا السياق. تقول إحدى المعلمات العاملات في مخيمات النازحين: “لا أرى أي أمل لهؤلاء الأطفال إذا استمر الوضع على ما هو عليه. التعليم هو السبيل الوحيد لإنقاذهم، لكن الإمكانيات ضعيفة للغاية”.
دعوة للالتزام بحقوق الطفل
في اليوم العالمي للطفل، وجه فريق منسقو استجابة سوريا دعوة ملحة إلى المجتمع الدولي والمنظمات المعنية للوفاء بالتزاماتهم تجاه الأطفال. إذ ما يزالون ينتظرون مستقبلاً أفضل، وسط الحروب والنزوح والفقر.