أزمة إنسانية.. تزايد ظاهرة تسول الأطفال في شمال سوريا

Facebook
WhatsApp
Telegram

تشهد مناطق شمال سوريا تصاعداً مقلقاً في ظاهرة تسول الأطفال، مما يعكس حجم المعاناة التي تواجهها العائلات النازحة والفقيرة في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والإنسانية، أطفال ينتشرون في الشوارع والأسواق طلباً للمساعدة، محملين بأعباء تفوق قدرتهم على التحمل، مما يجعل الظاهرة خطراً مباشراً على مستقبلهم وعلى المجتمع بأسره.

نسب وأرقام صادمة عن تسول الأطفال

أفاد تقرير صادر عن منسقو استجابة سوريا أن حوالي 8.5% من الأطفال في شمال سوريا يشاركون بشكل منتظم أو غير منتظم في التسول، ويشكل النازحون داخلياً 40% من هؤلاء الأطفال، ممن اضطروا للنزوح نتيجة العمليات العسكرية، إذ تتراوح أعمار 60% من الأطفال المتسولين بين 6 و14 عاماً، وغالباً ما يُجبرون على ترك مقاعد الدراسة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي لعائلاتهم، إذ تعيش 75% من هذه الأسر تحت خط الفقر، ويواجه أكثر من نصفها انعدام الأمن الغذائي.

الأسباب الجذرية وراء الظاهرة

الظاهرة ترتبط بجملة من الأسباب، أبرزها النزوح والفقر المدقع، حيث تغيب مصادر الدخل المستدام والدعم الكافي، مما يدفع العائلات للاعتماد على أطفالها لتلبية الاحتياجات اليومية. كما أن ضعف البنية التحتية التعليمية في ظل النزوح وقلة الموارد أدى إلى إجبار الأطفال على ترك التعليم والانخراط في أعمال الشوارع، إضافة إلى ذلك، تعاني العائلات من ضغوط نفسية واجتماعية تدفع بعضها لاستغلال أطفالها كوسيلة للبقاء، وسط غياب التشريعات الفعالة وضعف تطبيق القوانين التي تحظر استغلال الأطفال ساهم أيضاً في تفاقم الظاهرة، خاصة مع وجود شبكات منظمة تدير عمليات التسول.

التبعات السلبية على الأطفال والمجتمع

استمرار هذه الظاهرة يحمل آثاراً كارثية على الأطفال والمجتمع، من أبرز هذه التبعات ازدياد نسبة الأمية بين الأطفال. مما يؤثر سلباً على تطورهم ومستقبلهم. كما يتعرض الأطفال للعنف الجسدي والنفسي، مما يترك آثاراً طويلة الأمد على صحتهم الجسدية والعقلية، بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأطفال مخاطر الاستغلال الجنسي أو الانخراط في أعمال إجرامية، مما يعرضهم لخطر دائم.

خطوات مقترحة لمعالجة الظاهرة

في ذات السياق، تؤكد الناشطة الحقوقية “حلا إبراهيم” على أهمية اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة هذه الظاهرة. تدعو إلى توفير برامج مساعدات مالية وغذائية مستدامة للعائلات الفقيرة، مع تحسين فرص العمل للآباء والأمهات من خلال تدريبهم على مهارات مهنية تساعدهم على كسب العيش.

وتشدد على ضرورة إعادة الأطفال المتسولين إلى المدارس عبر حملات دعم للتعليم وتوفير مستلزماته مجاناً. إضافة إلى إنشاء مراكز تعليم غير رسمية للأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة لفترات طويلة.

دور التوعية والتعليم في الحد من التسول 

ترى “إبراهيم” أن تفعيل القوانين التي تحظر استغلال الأطفال في التسول أمر ضروري. مع معاقبة الجهات المسؤولة عن إدارتهم وتوفير حماية قانونية للأطفال المتضررين. كما تدعو إلى إطلاق حملات توعوية تستهدف العائلات لتوضيح مخاطر الظاهرة وأهمية التعليم. وتوصي بإنشاء مراكز متخصصة لتقديم الرعاية النفسية والاجتماعية للأطفال المتسولين وتأهيلهم للاندماج في المجتمع.

تعد ظاهرة تسول الأطفال في شمال سوريا انعكاساً للأزمة الإنسانية التي تعيشها المنطقة، وتفاقمها يعرض جيلاً كاملاً للخطر. إذ إن معالجة هذه الظاهرة تتطلب تكاتف جهود السلطات المحلية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني. وذلك لتوفير بيئة آمنة وداعمة تضمن للأطفال حقهم في التعليم والحياة الكريمة. ما يساهم في إنقاذ مستقبلهم وبناء مجتمع أكثر استقراراً.

إقرأ المزيد: واقع أطفال الشمال السوري في اليوم العالمي للطفل

مقالات ذات صلة