الزواج تحت الحصار الاقتصادي.. مبادرات تكسر القيود في إدلب

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بإدلب، أصبح الزواج حلماً صعب المنال للشباب، بسبب ارتفاع المهور وتكاليف الحفلات والتجهيزات وضع العائلات أمام اختبارات قاسية، ما دفع البعض إلى البحث عن طرق مبتكرة لكسر القيود الاقتصادية، من حفلات الزفاف البسيطة إلى التقاليد المعدّلة، أعاد شباب إدلب صياغة مفهوم الزواج.

الواقع الاقتصادي وتأثيره على الشباب

ارتفاع أسعار المهور وتكاليف الزواج التقليدي شكّل عائقاً أمام الكثير من الشباب، يصف “أحمد”، شاب من إدلب، تجربته قائلاً: “مع غلاء الأسعار، شعرت بأن الزواج أصبح مستحيلاً، المهور المطلوبة اليوم تفوق قدرتي المالية بأضعاف”.

وفقاً لتقرير صادر عن مكتب الإحصاء المحلي، فإن متوسط تكاليف الزواج في إدلب تجاوز 5 آلاف دولار، وهو مبلغ مرتفع جداً بالنسبة لمعظم العائلات، هذا الوضع دفع العديد من الشبان لتأجيل خطوة الزواج.

قصص نجاح

رغم الصعوبات، ظهرت قصص ملهمة لشباب استطاعوا تجاوز الأزمة بتفكير بسيط وإبداعي، “سمر” و”عبد الله” مثال على ذلك؛ فقد قررا إقامة حفل زفاف منزلي بسيط حضره الأقارب فقط، تقول “سمر”: “بدلاً من صالة أفراح مكلفة، اخترنا حديقة منزلنا، وأقمنا حفل زفاف بموارد محدودة، كان الأهم بالنسبة لنا هو بداية حياتنا بلا ديون تثقل كاهلنا”.

قصتهما ألهمت الكثيرين في إدلب، وبدأت فكرة حفلات الزفاف البسيطة تنتشر كبديل منطقي وعملي.

المبادرات المجتمعية: دعم لا يُقدّر بثمن

برزت مبادرات محلية في إدلب لتخفيف الأعباء المادية على الشباب المقبلين على الزواج. إحدى هذه المبادرات هي “زواج بلا ديون”، التي تهدف إلى تقديم دعم مادي ومعنوي للأزواج الجدد، يشرح “أبو خالد”، أحد منظمي المبادرة، قائلاً: “نوفر أثاثاً بسيطاً وجهاز العروس بأسعار رمزية، ونساعد في التفاوض على مهور أقل، نحاول أن نجعل الزواج ممكناً للجميع”.

وأضاف أن مثل هذه المبادرات أصبحت جزءاً أساسياً من مواجهة الأزمة، وأعادت تعزيز القيم التضامنية في المجتمع.

تغييرات ملحوظة في عادات الزواج

تحت وطأة الأزمة، خضعت عادات الزواج في إدلب لتحولات كبيرة، انخفضت المهور. وبدأ الناس في تبني أساليب أبسط للاحتفال، تقول “أم وليد”، سيدة من إدلب: “كنا نعتبر الذهب والمظاهر جزءاً لا يتجزأ من الزواج، لكن الآن الأهم هو أن يبدأ الزوجان حياتهما بخفة ودون ديون”.

مشيرة إلى أن هذه التغيرات لم تُقلل من فرحة الزواج، بل أعطتها طابعاً أكثر عمقاً وتركيزاً على جوهر بناء الأسرة.

الأمل في المستقبل: الأزمة كفرصة للتغيير

رغم التحديات، يرى البعض أن الأزمة تحمل فرصاً لإعادة صياغة القيم المتعلقة بالزواج. يقول “خالد”، مستشار اجتماعي في إدلب: “هذه الأزمة ساعدتنا على إدراك أن الزواج ليس مظاهرة اجتماعية. بل شراكة حياة، التغييرات التي نشهدها اليوم قد تضع أساساً لثقافة جديدة أكثر مرونة”.

بفضل هذا التحول، قد تكون الأزمة الاقتصادية حافزاً لإحداث تغييرات مستدامة تعيد التوازن بين التقاليد والواقع. ووسط التحديات الاقتصادية، برهن أهالي المنطقة أن التعاون المجتمعي قادر على تجاوز أي أزمة. فالزواج الذي كان يبدو مستحيلاً أصبح، بفضل مبادرات فردية وجماعية، نموذجاً للصمود والمرونة. هذه القصص الملهمة تعكس روحاً جديدة في المجتمع وتؤكد أن التحديات قد تكون بداية لفرص أكبر.

إقرأ المزيد: الزواج في سوريا.. التحديات تتزايد مع ارتفاع الذهب

مقالات ذات صلة