في مناطق خطوط التماس، يعيش المدنيون في إدلب بين الحياة والموت تحت رحمة القذائف المدفعية والصاروخية، يبدأ كل يوم بالخوف وينتهي بالأمل في البقاء على قيد الحياة، حيث تعيش العوائل حالة ترقب مستمر دون وجود مكان آمن يلجؤون إليه، إذ تستباح كل الأماكن لطائرات النظام الحربية، هنا يعيش الأطفال حالة من الهلع والخوف المستمر وسط صعوبات معيشية تواجه الأهالي في تأمين أبسط مقومات الحياة.
الخوف والرعب: رفيق يومي
تقول أمهات من المقيمات في أريحا جنوب إدلب، التي تتعرض لقصف مستمر، إن “الخوف في هذه المناطق ليس مجرد شعور عابر، بل أصبح جزءًا من حياتهن اليومية، حتى الأطفال الذين من المفترض أن يعيشوا طفولتهم باللعب والمرح، باتوا خبراء في البحث عن الملاجئ والاختباء عند سماع أصوات المدافع”.
“عدي”، أحد سكان قرية كفرلاته جنوبي إدلب، وأب لطفلين، يقول: “الليلة الماضية كانت مرعبة جداً، القصف المتواصل جعل أبنائي ينامون وهم يبكون ويرتجفون من الخوف، ولا أملك لهم مخبأ سوى تحت درج المنزل”. هذه الظروف القاسية تترك آثارًا نفسية عميقة على الأطفال والكبار، حيث يصبح الشعور بالأمان حلمًا بعيد المنال.
المخاطر اليومية: الموت ينتظر في كل زاوية
الخروج من المنزل في المناطق القريبة من خطوط التماس يشبه مغامرة محفوفة بالمخاطر، إذ يجعل القصف العشوائي كل خطوة خارج المنزل مقامرة بحياة الشخص، يقول “أبو حسن”، أحد سكان مدينة سرمين بريف إدلب الشرقي: “أذهب كل صباح لجلب الخبز لأطفالي، لا أعلم إن كنت سأعود أم لا، ولكنني مضطر لتحمل المخاطرة”.
الخوف لا يقتصر على القصف فقط، بل يشمل أيضًا تعرض المدنيين للقنص أو انفجار الألغام الأرضية المنتشرة في بعض المناطق، مما يجعل حياتهم تحت تهديد دائم.
غياب الدعم الإنساني: المدنيون يواجهون المصير وحدهم
رغم المحاولات المستمرة من بعض المنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات، يبقى الدعم شحيحًا وغير كافٍ لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمدنيين، يقول “مصطفى”، أحد المسؤولين في المنظمات المحلية بإدلب: “نحاول إيصال المساعدات قدر الإمكان، لكن هناك نقص حاد في الغذاء والمواد الأساسية، ولا يمكننا تغطية كافة المناطق”.
وأشار إلى أن الوضع الإنساني يزداد سوءًا مع استمرار القصف وغياب الحلول الجذرية، مما يترك المدنيين وحدهم في مواجهة مصيرهم.
صمت دولي أمام الانتهاكات المستمرة
يقول ناشطون: “معاناة المدنيين على خطوط التماس ليست مجرد أرقام أو عناوين في التقارير، بل هي قصص إنسانية مؤلمة تحتاج إلى تدخل عاجل، هؤلاء المدنيون يواجهون الموت يوميًا ويستحقون حياة كريمة وآمنة بعيدًا عن أهوال الحرب والخوف المستمر”.
ويؤكد الناشطون أن المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية يجب أن تتحرك فوراً لحماية المدنيين وتقديم الدعم اللازم لهم. لأن إنقاذ حياتهم ليس خيارًا بل واجب إنساني وأخلاقي.
تتعرض مدن وبلدات ريفي إدلب وحلب لهجمة شرسة من قوات النظام السوري وحليفته روسيا. وسط تصعيد مستمر بالأسلحة المحرمة دولياً، وأسفرت الهجمات عن سقوط ضحايا مدنيين، بينهم أطفال، في ظل صمت دولي عن الانتهاكات المستمرة منذ سنوات.