قتل العديد من الصحفيين والنشطاء الإعلاميين أثناء تغطيتهم للأحداث في المناطق المحررة حديثاً في محافظتي حلب وإدلب وريفيهما شمال سوريا، منذ 27 تشرين الثاني من العام الجاري ولغاية اليوم، بعضهم استشهد جراء قصف جوي من طيران النظام وحليفه الروسي، بينما قتل آخرون برصاص مباشر من قوات النظام في الأحياء التي كانت تحت سيطرته.
استهداف مباشر للصحفيين في الميدان
في آخر هذه الحوادث، قضى الصحفي “أنس خربوطي” (32 عاماً) من الغوطة الشرقية في غارة جوية شنها الطيران الحربي للنظام على مدينة مورك بريف حماة، أثناء تغطيته للمعارك الدائرة في المنطقة، حيث كان “الخربوطي” برفقة مجموعة من الصحفيين والإعلاميين الذين كانوا في قلب الحدث لنقل تفاصيل المعركة.
هذا الاستهداف المباشر للصحفيين يكشف عن انتهاك صارخ لحقوق الصحفيين السوريين العاملين في المناطق الخاضعة للصراع، الذين يخاطرون بحياتهم لنقل الوقائع وتوثيق الجرائم في ظل بيئة من العنف والتهديدات.
خلال الأيام الأخيرة، ارتقى عدد من الصحفيين أثناء تغطيتهم للأحداث في مدينة حلب، ومن بينهم الصحفيون “أحمد العمر” و”علاء الأبرش” و”جميل العبدالله”، الذين قتلوا إثر قصف عنيف استهدف المستشفى الجامعي في المدينة من قبل طيران النظام.
هذه الحادثة تؤكد مجدداً على استهداف النظام المباشر للبنية التحتية الطبية والإعلامية، وهو سلوك متكرر خلال سنوات النزاع.
العمل الصحفي.. خطر دائم في سوريا
أما الإعلامي “مصطفى الساروت”، الذي قتل بعد تحرير حلب، فكان قد تعرض لإطلاق نار مباشر على سيارته أثناء تغطيته للأحداث في المدينة، وذلك بينما كان برفقة زميل له، ويجسد الحادث يجسد مدى الخطر الذي يواجهه الصحفيون والإعلاميون أثناء أداء مهامهم في مناطق النزاع.
إن سوريا تعد واحدة من أخطر البلدان في العالم على الصحفيين، وفقاً لتقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” التي صنفتها في المرتبة 179 من أصل 180 دولة على سلم حرية الصحافة.
هذا التصنيف يكشف عن الوضع الكارثي الذي يعيشه الصحفيون في البلاد، وبحسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد وثقت مقتل 717 صحفياً وعاملاً في المجال الإعلامي منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، إذ تتحمل قوات النظام السوري وحلفاؤه المسؤولية الكبرى في هذه الانتهاكات بحق الصحفيين، من خلال استهدافهم المباشر في الميدان وفي المراكز الإعلامية.
انتهاكات مستمرة لحرية الصحافة
تضاف هذه الحوادث إلى سلسلة من الانتهاكات المستمرة لحقوق الصحفيين في سوريا، حيث أصبح قتل الصحفيين وتعرضهم للاعتقال والتعذيب أسلوباً ممنهجاً من قبل النظام السوري لإخماد الأصوات المناهضة له. ومحاولة السيطرة على رواية الأحداث لصالحه. هذه السياسات لم تقتصر فقط على القصف والقتل، بل شملت أيضاً الاعتقال التعسفي للصحفيين والإعلاميين، وهو ما جعل من العمل الصحفي في سوريا مخاطرة قد تؤدي إلى الموت أو الاعتقال.
ضرورة دعم المجتمع الدولي للإعلاميين
إن ما يعانيه الصحفيون السوريون في المناطق المحررة، حيث ما يزال النظام وقواته يستهدفون الإعلاميين. يوضح حجم التحديات التي تواجهها الصحافة الحرة في سوريا. ويؤكد الحاجة الملحة لدعم المجتمع الدولي للصحفيين والإعلاميين في هذه المناطق لحمايتهم وتمكينهم من أداء مهامهم بحرية وأمان.