شهدت الساحة الدولية حدثًا بارزًا تمثّل في مشاركة رائد الصالح، مدير منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة الوضع في سوريا، حيث حملت هذه المشاركة العديد من الدلالات السياسية والإنسانية البالغة الأهمية.
اختراق دبلوماسي للمعارضة السورية
وأجمع مراقبون على أن المعارضة السورية نجحت في تحقيق اختراق دبلوماسي مهم من خلال إصرار غالبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن على مشاركة الصالح، رغم محاولات روسيا المباشرة لعرقلة حضوره.
ولفتوا إلى أن مشاركة الصالح تمثل انتصارًا سياسيًا للمعارضة في كسر الحصار الدبلوماسي المفروض على القضية السورية، وفق تعبيرهم.
وخلال الجلسة، وجّه رائد الصالح اتهامات مباشرة للنظام السوري وروسيا، مسلطًا الضوء على الانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين.
ودعا الصالح وبشكل صريح إلى ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم، مؤكدًا أن مكان ممثلي النظام ليس في مجلس الأمن بل على مقاعد المحاكم الدولية.
إعادة تسليط الضوء الدولي على المأساة السورية
كما نجحت مشاركة الصالح في إعادة تسليط الضوء الدولي على المأساة السورية، وكسر حالة التعتيم والصمت الدولي المتعمد، بعد أن استطاع أن يكون صوتًا للمدنيين السوريين، إضافة إلى تحميله المجتمع الدولي مسؤولية وقف الانتهاكات.
وأثار الصالح تحذيرًا دوليًا من احتمال استخدام النظام للأسلحة الكيميائية في الشمال السوري، مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، حسب مهتمين بالملف السوري.
أهمية المشاركة بحسب المحللين
وقال الأكاديمي والمحلل السياسي، الدكتور زكريا ملاحفجي لمنصة SY24: “إن مشاركة رائد الصالح في جلسة مجلس الأمن مهمة جدًا لأن مؤسسة الدفاع المدني معنية بتوثيق وتسجيل الضحايا وإنقاذ المدنيين. واليوم نحن في حرب تتورط روسيا فيها وبشكل كبير، وبالتالي مجرد دعوة الصالح لإلقاء كلمة هي رسالة مهمة لنقل الوضع الإنساني وعدد المصابين والقتلى بالاستهداف الروسي ومن قوات النظام السوري”.
وأضاف: “كما أن مشاركة الصالح مهمة كونه يضع العالم كشاهد ومسؤول لمؤسسة الدفاع المدني، يضع العالم على آثار هذا القصف الجوي، وللتأكيد على أن تأخر العالم بالحل السياسي جعل هذا النظام يعربد أكثر بدون أي ردع جاد وحقيقي من المجتمع الدولي”.
واعتبر أن مشاركة الصالح: “فيها إبراز لمعاناة المدنيين وأيضًا رسالة واضحة إلى الروس والنظام السوري، وتعزيز للموقف الدولي تجاه المعارضة السورية التي تتعرض لمحاولات شيطنة، إضافة إلى تعزيز الموقف الدولي تجاه ما يجري من انتهاكات بحق السوريين في سوريا، وهذا أمر مهم جدًا”.
ولاقت مشاركة الصالح ترحيبًا واسعًا من السوريين داخل سوريا وخارجها، حيث اعتبر كثيرون أن هذه المشاركة تمثل نصرًا سياسيًا للمعارضة، حيث نجحت في: توفير غطاء سياسي للقضية السورية، إثبات أن صوت السوريين حاضر في المحافل الدولية، والأهم فضح الممارسات القمعية للنظام السوري.
تأثير المشاركة على الجلسة والموقف الدولي
وفي هذا الجانب، قال الباحث في مركز حرمون للدراسات، محمد السكري لمنصة SY24: إن “أهمية دعوة رائد الصالح لجلسة مجلس الأمن، تمكن أنها لأجل خربطة المزاج العام وأهداف وأجندة الجلسة خاصة وأن النظام دعا لها. استطاع رائد فرض مناخ احتكاكي مع مندوب النظام وإظهار صورة مغايرة عن حقيقة الوضع العسكري والإنساني، في ظل رغبة النظام وروسيا باستقطاب أكبر عددٍ ممكن من الدول لبناء رأي عام مناهض للعمليات العسكرية ومحاولة تصدير العملية أنّها (داعشية). حقق رائد انتصارات مهمة سياسية ودبلوماسية منها تصويت 11 دولة على قبول وجوده مقابل رفض روسيا، وثانيًا توبيخ النظام وتصدير الحقائق العملية عما يجري في سوريا، وتشتيت هدف الجلسة الرامي لرسم صورة دولية مغايرة عن الواقع؛ وهذا ما دفع مندوب النظام وروسيا للاحتدام وتحويل الجلسة إلى أشبه بمناظرة”.
محطة مهمة في تاريخ القضية السورية
مثّلت مشاركة رائد الصالح في مجلس الأمن محطة مفصلية في تاريخ القضية السورية، حيث نجح في تحويل المنصة الدبلوماسية إلى منبر للحقيقة، وأثبت أن الصوت الإنساني لا يمكن إسكاته مهما بلغت محاولات التعتيم.
كما تزامنت هذه المشاركة مع تحرير المعارضة العسكرية لمدينة حلب، وتركز الأنظار حاليًا على جبهات قتال أخرى، منها مدينة حماة، في ظل تصاعد العمليات العسكرية ضد النظام السوري وميليشياته.