تتجه الأنظار اليوم نحو مدينة حمص الاستراتيجية، التي باتت على أعتاب معركة فاصلة قد ترسم معالم المشهد السياسي والعسكري في سوريا والمنطقة بأكملها.
وتستمر العمليات العسكرية للفصائل المعارضة في يومها العاشر، محققة انتصارات متتالية تمثلت في تحرير مدينتي حلب وحماة وأريافها.
واليوم، تتركز الأضواء على حمص، حيث دخلت الفصائل العسكرية صباحاً إلى مناطق متفرقة في ريفها الشمالي، وأهمها بلدات الرستن وتلبيسة وتير معلة، كما أنها باتت قريبة من حي الوعر داخل مدينة حمص بعد تحرير بلدة الدار الكبيرة القريبة من الحي.
وتكمن الأهمية الاستراتيجية لحمص في كونها المفصل الرئيسي الذي يربط مناطق سوريا المختلفة، فهي ثالث أكبر مدينة في البلاد بعد دمشق وحلب، وتشكل شريان الحياة الرئيسي للنظام السوري.
ويعني سقوط مدينة حمص قطع الطريق أمام النظام وعزل دمشق عن بقية المناطق، خاصة المناطق الساحلية التي تعتبر معقل النظام الرئيسي.
ووفقاً للمراقبين، فإن معركة حمص ستكون نقطة تحول حاسمة قد تحدد مستقبل سوريا بأكملها. من يسيطر على حمص سيمتلك “الورقة الرابحة” في الصراع الدائر، حيث تمثل المدينة شريان الحياة الاقتصادي والعسكري للنظام.
أما بالنسبة للميليشيات الإيرانية، فتكتسب حمص أهمية خاصة كمعبر رئيسي لتهريب السلاح والمخدرات، وكمدخل استراتيجي للميليشيات إلى ريف حمص الغربي الذي أصبح معقلاً رئيسياً لحزب الله اللبناني، بحسب أبناء المدينة.
وقال الناشط السياسي محمد الشيخ، المهجر من مدينة حمص إلى الشمال السوري لمنصة SY24: “إن سياق التطورات العسكرية والتقدم غير المسبوق للثوار يؤكد أن النظام بات في حالة انهيار، وبالتالي فإن تحرير مدينة حمص اليوم سيقصم ظهر النظام وداعميه وعلى رأسهم إيران وميليشياتها”.
وأكد الشيخ أن “النظام من جانبه سيبذل كل ما لديه للدفاع عن هذه المدينة التي كانت المدينة الرئيسية للاحتجاجات في عام 2011، كما من المتوقع أن تحاول إيران وميليشياتها تقديم كل دعم ممكن للحفاظ على هذا المعقل الاستراتيجي”.
ولفت إلى أن: “النظام قطّع أوصال المدينة بحواجز طيارة وثابتة ويقوم بحملات تفتيش ودهم واعتقالات، في حين أن هناك خوف غير مسبوق بين القاطنين في الأحياء الكبيرة المؤيدة له ومنها حي النزهة والزهراء وعكرمة وغيرها”.
وأكد على أن قوات النظام داخل مدينة حمص بحالة إرباك وهناك فرار جماعي وانسحابات للقوات من ريف حمص الشمالي باتجاه الساحل، حسب كلامه.
وفي السياق، دعت إدارة العمليات العسكرية القطع العسكرية في حمص للانشقاق الجماعي، مؤكدة أن “حمص تترقب قدوم قواتنا”. وفي تصريح واضح، أشارت إلى أن المعركة القادمة ستكون الأصعب، وأن سقوط حمص قد يعني النهاية للنظام السوري.
وفي سياق متصل أيضاً، يرى محللون أن سقوط حمص سيكون له تداعيات عميقة على المشهد الإقليمي، خاصة في لبنان حيث أصبحت ميليشيا “حزب الله” اللبناني أضعف مما كان عليه سابقاً، مما قد يؤثر على قدرته على الحفاظ على الارتباط بين دمشق ومنطقة الساحل.
ووسط كل ذلك، يرى مراقبون أن معركة حمص لم تعد مجرد معركة عسكرية، بل أصبحت معركة وجود، حيث الرهان على مستقبل سوريا كاملة، وما سيؤول إليه المشهد في الشرق الأوسط برمته، حسب وجهة نظرهم.