مع مرور أيام قليلة على تحرير مدينة حلب، تتجدد آمال سكانها بتحسن الواقع المعيشي والخدمي بعد سنوات طويلة من المعاناة. هذا التحرير، الذي شكل نقطة فارقة في المشهد السوري، أثار مشاعر متباينة بين الأمل بمستقبل أفضل والخوف من انتقام النظام السوري عبر استهداف المدينة، خاصة بعد هزيمته في مناطق أخرى مثل مدينة حماة.
جهود مكثفة لإعادة الخدمات
عقب تحرير المدينة، باشرت المؤسسات الخدمية التابعة لحكومة الإنقاذ، بالتعاون مع فرق الدفاع المدني السوري والمنظمات الإنسانية، العمل على سد الفجوات الكبيرة في القطاعات الخدمية والاقتصادية. وقد ظهرت أولى هذه الجهود في تنظيف محيط قلعة حلب التاريخية، في خطوة تهدف للحفاظ على رمزيتها الحضارية، بالإضافة إلى إزالة الأنقاض من الساحات العامة، مثل ساحة مشفى الجامعة.
وقال مراسلنا إن فرق الدفاع المدني، بالإضافة إلى عملها في غسل وتنظيف الشوارع ومحيط القلعة، قامت بإجراءات لتعزيز سلامة السكان. حيث وضعت لافتات توعوية بالقرب من منطقة دوار حلب الجديدة لتحذير المدنيين من مخاطر الذخائر غير المنفجرة. كما أجرت عمليات مسح واسعة في الأحياء المحررة لإزالة هذه المخلفات التي تهدد حياة الأهالي، مما يشير إلى جهود منظمة لإعادة المدينة إلى حالتها الطبيعية.
تشغيل القطاعات الإنتاجية والخدمية
شهدت المدينة أيضًا تحركات واسعة لإعادة تشغيل المنشآت الإنتاجية والخدمية، خاصة في قطاعي الكهرباء والمياه. وأوضح مراسلنا أن إدارة العمليات دعت الموظفين والعمال المتخصصين في هذه القطاعات إلى العودة إلى وظائفهم. كما أكد “عبد الرحمن محمد”، مسؤول العلاقات العامة في حكومة الإنقاذ السورية، أن محطة حلب الحرارية سُلّمت لمهندسين متخصصين للإشراف على تشغيلها، مع تعهد بتأمين احتياجاتها لضمان استمرار عملها بشكل فعال.
عودة الأسواق والخدمات الأساسية
بدأت الأسواق في المدينة تستعيد حركتها الطبيعية، مع توافر السلع والمنتجات الأساسية بأسعار تنافسية نتيجة زيادة العرض. وفيما يتعلق بخدمات الأفران، فقد عادت إلى حالتها شبه الطبيعية دون أي ازدحام يُذكر، مع تحسن مستمر في إنتاج الخبز وتوزيعه. يقول أحد سكان المدينة لمراسلنا: “انتهى عهد البطاقة الذكية”، في إشارة إلى حالة الذل التي كان يفرضها النظام على المدنيين خلال سنوات سيطرته عليها.
عودة العملية التعليمية
على صعيد التعليم، عقدت اجتماعات مكثفة خلال الأيام الماضية بين الأكاديميين والإداريين العاملين في جامعة حلب. وتهدف هذه الاجتماعات إلى وضع خطط لاستئناف العملية التعليمية بأفضل صورة ممكنة، مع التأكيد على ضرورة توفير بيئة تعليمية مستقرة بعد سنوات من التحديات.
تعزيز الأمن ومعالجة التحديات
من الناحية الأمنية، تعمل الجهات المعنية على معالجة المشكلات المتبقية، مثل قضايا السرقة والاعتداء، بشكل منتظم. كما يتم اتخاذ خطوات لإعادة دمج العسكريين المنشقين عن قوات النظام، بما يساهم في تعزيز الاستقرار المجتمعي داخل المدينة.
عودة الأمل
إن عودة الحياة تدريجيًا إلى مدينة حلب تعكس إرادة أهلها وتصميمهم على بناء مستقبل جديد رغم كل ما عانوه. جهود المؤسسات المحلية، بدعم من منظمات المجتمع المدني، تمثل خطوة أولى على طريق طويل لإعادة الإعمار. وهو ما يتطلب دعمًا مستمرًا لإعادة بناء المدينة واستعادة دورها الحضاري والاقتصادي في سوريا.