بعد 14 عامًا على انطلاق الثورة السورية، أسدل الستار على عهد نظام الأسد الذي ظل رمزًا للقمع والاستبداد لعقود طويلة، هذا الحدث التاريخي يفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا، مليئة بالفرص والتحديات، حيث يلوح الأمل في الأفق بإعادة بناء الوطن وتحقيق العدالة.
ذكريات الثورة: البداية التي غيرت مسار التاريخ
انطلقت الثورة السورية كحركة احتجاجية سلمية تطالب بالحرية والكرامة، متحدية عقودًا من القمع والاستبداد، بدأت من درعا وانتشرت سريعًا إلى باقي المحافظات يحدثنا “يوسف” وهو أحد أهالي مدينة حلب وكان نازحاً طيلة السنوات الماضية إلى الشمال السوري يقول إن “حلمنا بحياة أفضل لأولادنا، لكن الرد كان دمويًا، شعرنا في البداية بالقوة والوحدة، ولكن القمع الوحشي كشف حجم التحدي الذي كنا نواجهه”، ملايين السوريين ذاقوا ويلات الحرب والنزوح واللجوء والتهجير وأكثرها وحشية الاعتقالات التي طالت مئات آلاف السوريين وإلى الآن لم يتم معرفة مصيرهم، بعد دخول سجن صيدنايا وتحرير قرابة 300 معتقل فقط بينما تؤكد تقارير حقوقية وجود مئات آلاف المعتقلين والمغيبين قسرياً منذ بداية الثورة السورية 2011.
كيف تحقق سقوط النظام؟
السبب الرئيسي لسقوط النظام كان إطلاق عملية عسكرية كبرى انطلقت من ريف إدلب، وشملت جميع المحافظات السورية، وصولًا إلى دمشق، هذه العملية أحدثت ضغطًا عسكريًا هائلًا أدى إلى انهيار النظام وفقدانه السيطرة على معظم المناطق، مع وصول قوات ردع العدوان الفصائل المعارضة إلى دمشق، كان الطاغية بشار الأسد قد هرب من سوريا واحتمى بحلفته روسيا التي شاركته على مدار سنوات قتل وقصف تعذيب الشعب السوري تاركًا وراءه سجلاً حافلاً بالإجرام الذي لم يحدث على مر العصور .
“سقوط النظام كان نتيجة حتمية بسبب انهيار جيشه أمام القوات المعارضة، والانهيار الاقتصادي، إضافة إلى تخلي الدول الأوروبية عن دعمه” وفق تحليلات سياسية.
تحديات بناء سوريا الجديدة
تواجه سوريا الآن مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات، أبرزها إعادة إعمار ما دمرته الحرب، تجاوز الانقسامات السياسية والطائفية، تحقيق العدالة الانتقالية، وضمان عودة اللاجئين إلى بيوتهم، بالإضافة إلى بناء نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، وإطلاق مشاريع اقتصادية تعيد الحياة للبلاد، “دلال رحال”، ناشطة حقوقية في إدلب، تقول: “المصالحة الوطنية لا تعني النسيان، بل تحقيق العدالة لكل الضحايا”.
دور المجتمع الدولي والعربي في المرحلة القادمة
الدعم الدولي والعربي لسوريا الجديدة هو المفتاح لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار، يتمثل هذا الدعم في تقديم المساعدات الإنسانية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي، واحتضان سوريا ضمن محيطها العربي، “سامر”، باحث في العلاقات الدولية، يقول: “سوريا تحتاج إلى شراكة دولية مبنية على احترام السيادة وضمان الإصلاح”.
اليوم، يقف الشعب السوري على أعتاب مستقبل جديد مليء بالتحديات، لكنه يحمل في طياته آمالًا كبيرة بإعادة بناء وطن دمره الاستبداد والحرب، تحقيق الاستقرار والعدالة يتطلب من الجميع العمل معًا لتجاوز المحن، والبدء بمرحلة تضمن حقوق وكرامة كل مواطن سوري.