بعد تحرير سوريا من نظام بشار الأسد، تلوح فرصة أمام السوريين للعودة إلى قراهم وديارهم التي هُجّروا منها خلال سنوات الحرب الطويلة، لكن العودة إلى الوطن ليست بالبساطة التي قد تبدو عليها، إذ يواجه العائدون تحديات كبيرة تبدأ من دمار المنازل وغياب البنية التحتية الأساسية، ولا تنتهي عند نقص الخدمات الضرورية مثل التعليم، الصحة، والمياه، ورغم هذه الظروف القاسية، لا يزال الأمل يحدو الكثير من السوريين في إعادة بناء حياتهم في وطنهم.
الدمار الواسع للبنية التحتية
يعاني العائدون من دمار كبير طال منازلهم والبنية التحتية في قراهم. ووفق تقارير محلية، فإن أكثر من 80% من المنازل في القرى المحررة بريفَي إدلب وحلب بحاجة إلى إعادة بناء جزئي أو كلي.
يقول محمد الأشقر، من أهالي بلدة دير الشرقي بريف إدلب الجنوبي: “عندما عدت إلى قريتي، وجدت بيتي مدمّرًا بالكامل، لا أملك الموارد لإعادة بناء المنزل، لذا اضطررت للبقاء في المخيم الذي أسكن فيه منذ خمس سنوات”.
غياب الخدمات الأساسية
تعاني القرى المحررة من نقص حاد في الخدمات الضرورية. فلا توجد مدارس لتعليم الأطفال. والمراكز الصحية إما مدمرة أو غير مجهزة، كما تعتمد العائلات على شراء المياه بأسعار مرتفعة لعدم توفر شبكات المياه.
تقول أم ياسين، العائدة إلى مدينتها سراقب شرقي إدلب، وهي أم لثلاثة أطفال: “لا توجد مدارس قريبة يمكن أن أرسل أطفالي إليها، كما أن المدينة تفتقر إلى المراكز الصحية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء”.
الوضع الاقتصادي المتردي
يُعدّ غياب فرص العمل في المناطق المحررة من أبرز العقبات التي تواجه العائدين، مما يجعل من الصعب عليهم تأمين لقمة العيش. كما أن ارتفاع أسعار مواد البناء يزيد من صعوبة إعادة بناء المنازل.
يقول خالد، أحد العائدين: “يحتاج منزلي إلى أكثر من 2000 دولار لإعادة ترميمه، وأنا غير قادر على ذلك، أحتاج إلى مساعدة إحدى المنظمات لإعادة بناء منزلي”.
الدعم الدولي ودور المنظمات الإنسانية
رغم الجهود المبذولة من بعض المنظمات الدولية، إلا أن الدعم لا يزال محدودًا وغير كافٍ لتلبية احتياجات السكان. وتحتاج المناطق المحررة إلى خطط شاملة لإعادة تأهيل الخدمات الأساسية.
يوضح أحمد معمار، مدير إحدى المنظمات المحلية في إدلب: “هناك حاجة ملحة لتدخل دولي أكبر لتوفير البنية التحتية والخدمات. ما نقدمه حاليًا هو مجرد حلول مؤقتة لا تكفي لتأمين حياة مستقرة للعائدين”.
نداء للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية
يحتاج الشعب السوري إلى دعم حقيقي ومستدام. وليس مجرد مساعدات مؤقتة. نناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تقديم تمويل عاجل لإعادة الإعمار، وبناء المدارس والمستشفيات، وتأمين شبكات المياه والكهرباء.
يشير أحمد إلى ذلك بقوله: “لا يمكن للناس العودة والعيش في ظل هذه الظروف. نحن بحاجة إلى حلول طويلة الأمد تعيد الأمل لهؤلاء الناس”.
رغم التحديات الجسيمة. يبقى الأمل في عودة السوريين إلى قراهم وحياتهم الطبيعية حاضرًا, لكن هذا الأمل يحتاج إلى دعم ملموس من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة.
إن مساعدة الشعب السوري في هذه المرحلة هي مسؤولية إنسانية وأخلاقية لضمان عودة كريمة ومستقرة للعائلات التي أرهقتها سنوات الحرب.