في ظل الأحداث المستمرة في سوريا، يبرز خطر جديد يتمثل في التضليل الإعلامي الذي يسعى إلى تغذية الفتن وزيادة الاقتتال الداخلي، وحذرت جهات إعلامية متخصصة من خطورة هذه الحملات المضلّلة التي تُشن بشكل منظم وممنهج، مستهدفة شرائح محددة من المجتمع السوري.
أبرز أنماط التضليل الحالية:
وفقاً للأحداث الجارية، تجلت حملات التضليل بشكل واضح عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة على منصتي “إكس” و”تيك توك”، بالإضافة إلى موقع “فيسبوك”، حيث تنتشر حسابات عديدة، بعضها سوري وبعضها الآخر يعود لجنسيات مختلفة، معظمها وهمي، وتسعى لتحقيق أهداف محددة من خلال نشر معلومات مغلوطة.
إذ تعمل بعض الحسابات على التلاعب بمشاعر أهالي الضحايا والمعتقلين من خلال تقديم معلومات حقيقية أو مضلّلة، بالإضافة إلى نسب تسجيلات صوتية لأفراد مجهولين، تهدف هذه المعلومات إلى تأجيج الغضب ودفع المتضررين نحو الانتقام، مما يؤدي إلى تصعيد الصراع الداخلي.
من جانب آخر، تنشط حملات مضلّلة تستغل المخاوف الطائفية، حيث توجه رسائل إلى الأقليات السورية تدعوهم إلى الانعزال والتكتل في مناطق محددة للدفاع عن أنفسهم.
تُعزز هذه الرسائل بمعلومات (حقيقية أو مضلّلة) عن انتهاكات مزعومة ضد الأقليات، ويتم تقديمها بصيغ تحريضية تضخم الواقع بشكل مبالغ فيه، مما يهدد التماسك المجتمعي.
التضليل الإعلامي وتأثيره في سوريا:
التضليل الإعلامي ليس ظاهرة جديدة، لكنه أصبح في الحالة السورية أداة فعّالة تُستخدم من قبل جهات داخلية وخارجية لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، منذ اندلاع الثورة عام 2011، كانت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة خصبة لبث الأخبار المضلّلة، مستفيدة من الانقسام المجتمعي وسرعة انتشار المعلومات.
تشمل الأدوات المستخدمة:
• إنشاء حسابات وهمية.
• استخدام الذكاء الاصطناعي لتزوير الصوت والصورة.
• التلاعب بالسياقات الزمنية والمكانية للوقائع.
الأثر المباشر لذلك يظهر في زيادة التوتر بين مكونات المجتمع، وصعوبة الوصول إلى الحقيقة، وانعدام الثقة بوسائل الإعلام.
في تعليق على هذه الظاهرة، يرى محللون أن “التضليل الإعلامي لا يُصمم فقط لإرباك الرأي العام، بل يهدف أيضًا إلى شلّ قدرة المجتمع على اتخاذ قرارات سليمة، وفي سوريا، يُعد غياب منصات مستقلة وموثوقة أحد أكبر التحديات في مواجهة الخطاب التحريضي وتصحيح المعلومات المضلّلة”.
سبل مواجهة التضليل الإعلامي:
تتطلب مواجهة حملات التضليل الإعلامي في سوريا تعاونًا واسعًا بين الصحفيين، ومنصات الإعلام المستقلة، والمجتمع المدني، كما يحتاج السوريون إلى تعزيز وعيهم بالمصادر الموثوقة وعدم الانسياق وراء الخطابات التحريضية.
إن التصدي لهذه الظاهرة يبدأ ببناء ثقافة التحقق من المعلومات، وتعزيز الإعلام المسؤول الذي يساهم في تهدئة الأوضاع بدلاً من تأجيجها.
مثال من منصة SY24:
سبق لمنصة SY24 أن فندت أخباراً مضلّلة زعمت اغتيال علماء سوريين، كان أبرزها خبر اغتيال عالم الكيمياء الدكتور “حمدي إسماعيل ندى” داخل منزله في دمشق، تبيّن لاحقاً أن الصورة المرفقة مزيفة، وتعود لطبيب مصري يحمل الاسم نفسه.
أوضحت التحقيقات أن الحسابات التي نشرت هذا الخبر الكاذب تعود إلى جهات مشبوهة، بما في ذلك حسابات مرتبطة بميليشيات “حزب الله” اللبناني وشخصيات تابعة لميليشيات الحوثي في اليمن، حيث كان الهدف الرئيسي من هذه الأخبار نشر الفوضى بين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد، ومحاولة تقويض الإنجازات التي حققتها الثورة السورية.
وحذرت المنصة من خطورة تداول الأخبار غير الموثوقة، مؤكدة أن انتشار هذه الأكاذيب يُسهم في تعزيز أهداف الجهات الساعية إلى إثارة البلبلة والفوضى.