رغبة العودة تصطدم بالتحديات.. النازحون السوريون بين الأمل والواقع

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تعيش آلاف العوائل السورية النازحة ظروفًا قاسية في مخيمات شمال غرب سوريا، تزامناً مع تحديات تواجه العودة إلى مناطقهم الأصلية نتيجة غياب الخدمات الأساسية وانتشار مخلفات الحرب، رغم الرغبة الملحة لدى معظم النازحين في العودة، إلا أن الأوضاع الراهنة من ضعف الاستجابة الإنسانية إلى التحديات الاقتصادية والمعيشية، تجعل تحقيق هذه العودة حلمًا مؤجلًا، وسط مطالبات واسعة بضرورة دعم هذه العائلات وتمكينها من استعادة حياتها بكرامة وأمان.

غياب الخدمات الأساسية

يشير أحدث تقرير صادر عن فريق “منسقو استجابة سوريا” أمس إلى أن 91% من النازحين يعزون عدم عودتهم إلى غياب الخدمات الأساسية في مناطقهم الأصلية، والتي تفتقر إلى المدارس والمراكز الصحية وخدمات المياه والكهرباء، مما يجعل الحياة فيها صعبة وغير ملائمة،تقول “إسراء” إحدى النازحات من معرة النعمان مقيمة في مدينة الدانا شمال إدلب : “كنا نريد العودة إلى المعرة بأسرع وقت، لكن البيت مهدوم والمنطقة منكوبة، المرافق الحيوية مدمرة، لا مدارس ولا مراكز صحية ولا بنى تحتية ما جعل مسألة العودة فكرة مؤجلة حاليا بانتظار مشاريع ضخمة لإعادة الإعمار كي نتمكن من العودة”.

انتشار مخلفات الحرب

بينما عزفت أم محمد من مدينة كفر نبل بريف إدلب الجنوبي على العودة إلى المنطقة بعد وفاة شابين من أقاربها بانفجار لغم أرضي أثناء زيارة منزلهم منذ قبل أسبوع تقريباً، وكذلك شكل الخوف من الألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة هاجساً كبيرًا لدى النازحين، حيث أشار التقرير إلى أن هذه المخاطر تشكل تهديدًا مباشرًا على حياة المدنيين، فيما يرى النازحون أن العودة تتطلب بيئة آمنة، ما يستدعي جهودًا أكبر لإزالة المخلفات وضمان سلامة السكان.

ضعف الاستجابة الإنسانية

لم تشهد الكثير من المناطق استجابة كافية من المنظمات الإنسانية لتوفير مقومات الاستقرار للعائدين، النازحة “أمل عليوي” من ريف حلب الشرقي التي تسكن في إدلب، تقول: “لم نجد وجدنا بيوتًا، فقط حجارة وركام وذكريات أليمة، جيش التعفيش لم يترك شيئًا، حتى الأبواب والنوافذ سرقها، وتحتاج المدن والقرى إلى ملايين الدولارات كي تعود كما كانت ووضع الأهالي المادي لا يسمح ببناء غرفة واحدة في ظل الظروف المعيشية الحالية المتردية”.

التحديات المعيشية في مناطق العودة

ترتبط العودة أيضًا بالاعتبارات الاقتصادية والمعيشية تقول “هدى”، وهي نازحة من ريف حمص “الإيجارات غالية جدًا، والانتقال يتطلب مبلغًا كبيرًا لتأمين النقل، ولا توجد كهرباء أو مياه بشكل كافٍ في ومعظم الخدمات سيئة”. تكمل “زوجي وجد عملًا هنا في إدلب، ولن نعود حتى تتحسن الظروف”.

التعليم: أولوية للعائلات النازحة

65% من النازحين يربطون قرار العودة بانتهاء العام الدراسي، إذ يفضلون البقاء في مناطق النزوح لمنع حرمان أطفالهم من التعليم، وفق تقرير فريق منسقو استجابة سوريا، إذ يطالب النازحون بأن تقوم المنظمات الدولية بترميم المدارس في مناطقهم الأصلية لضمان عودة الأطفال إلى التعليم مع العام الدراسي القادم.

رغبة في العودة بشروط واضحة

رغم هذه التحديات، أظهر الاستبيان الذي أجراه الفريق أن 97% من النازحين في المخيمات لديهم رغبة قوية في العودة إلى مناطقهم الأصلية، لكنهم يشترطون توافر الخدمات الأساسية، الأمان، وفرص العمل، لضمان عودة كريمة ومستدامة.

على خلفية ذلك دعا فريق “منسقو استجابة سوريا” جميع الأطراف المعنية، من حكومات ومنظمات دولية ومحلية، إلى العمل على  زيادة الجهود الإنسانية لدعم النازحين العائدين، وتنفيذ خطط مستدامة لإعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية، وضمان بيئة آمنة بإزالة مخلفات الحرب، مؤكداً أن تحقيق هذه المطالب ضرورة ملحّة لضمان استقرار النازحين وعودتهم إلى ديارهم، بعيدًا عن المعاناة المستمرة في المخيمات.

تبقى أزمة النازحين السوريين في المخيمات واحدة من أبرز التحديات الإنسانية المستمرة التي تتطلب استجابة عاجلة وشاملة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، إذ أن تحقيق العودة الكريمة والآمنة لهذه العائلات يعتمد على إزالة مخلفات الحرب، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، بينما يواصل النازحون التمسك بالأمل، يبقى على الجهات المعنية تحمل مسؤولياتها لضمان حياة أفضل ومستقبل أكثر استقرارًا لهؤلاء الذين عانوا من ويلات النزوح والتشرد لسنوات طويلة.

مقالات ذات صلة