تواجه محافظة إدلب وريفها أزمة واضحة في توفير مادة المازوت المحسن، وهو الوقود الذي يعتمد عليه السكان في التدفئة وتشغيل المركبات ووسائل النقل والجرارات الزراعية، بالإضافة إلى تزويد المولدات الكهربائية، هذا النقص تسبب في شح المادة بمحطات الوقود، مما زاد من معاناة الأهالي، خاصة ذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون عليها في تلبية احتياجاتهم اليومية.
المازوت المحسن: الخيار الشعبي وبدائله المكلفة
المازوت المحسن هو وقود يتم إنتاجه محليًا في محطات تكرير بدائية تقع في ريف حلب الشمالي، ومن ثم يُحسَّن ويوزع في إدلب وريفها ليصبح جاهزًا للاستخدام. يتميز المازوت المحسن بسعره المنخفض مقارنةً بالمازوت الأوروبي، مما يجعله الخيار الأول للتدفئة وتشغيل الأفران والمشافي والمركبات، رغم جودته المتواضعة. إلا أن الاعتماد عليه واسع النطاق، نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها السكان.
لكن مع فقدانه مؤخرًا من الأسواق، اضطر السكان إلى شراء المازوت الأوروبي، ما شكل عبئًا ماليًا إضافيًا. “محمد عزات”، أحد المهجرين من ريف دمشق والمقيم في تجمع سكني بريف إدلب الشمالي، تحدث لـ SY24 عن معاناته مع ارتفاع أسعار التدفئة. يقول “محمد”: إن “سعر لتر المازوت الأوروبي وصل إلى 37 ليرة تركية مقارنةً بـ 24 ليرة للمازوت المحسن، ما أدى إلى زيادة كبيرة في التكاليف اليومية للتدفئة التي لم يعد بمقدوره تحملها”.
قلة الإنتاج وزيادة الطلب
بحسب تصريحات أحد العاملين في شركة السلام التجارية للمحروقات، فإن السبب الرئيسي وراء نقص المازوت المحسن يعود إلى قلة عدد محطات التكرير العاملة مقارنةً بالطلب المتزايد. خاصة بعد المعارك الأخيرة في المنطقة. مشيراً إلى أن الكميات المتوفرة في السوق لا تزال محدودة، مما تسبب في أزمة مؤقتة.
ووفقًا لآخر نشرة صادرة عن شركة السلام التجارية حول أسعار المشتقات النفطية. وصل سعر لتر المازوت الأوروبي إلى 37.74 ليرة تركية، بينما بلغ سعر المازوت المحسن 24.64 ليرة، وسجلت أسطوانة الغاز 446 ليرة تركية. مما يعكس الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات عمومًا.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي للأزمة
الأزمة الراهنة ألقت بثقلها على مختلف شرائح المجتمع. حيث يواجه أصحاب السيارات وأصحاب الأعمال الصغيرة الذين يعتمدون على المازوت المحسن تكاليف تشغيلية مرتفعة نتيجة الاعتماد على المازوت الأوروبي. كما تسببت الأزمة في زيادة الأعباء على الأسر. خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، الذي يتطلب كميات أكبر من الوقود للتدفئة.
وفي ظل تدهور الوضع الاقتصادي العام وضعف القدرة الشرائية، أصبحت خيارات الأهالي محدودة. كثيرون باتوا مضطرين لتقليل استخدام الوقود أو البحث عن بدائل أقل كلفة لكنها أقل فعالية أيضًا. ما يهدد بتفاقم معاناتهم خلال الأشهر القادمة. إذ تشكل أزمة نقص المازوت المحسن في إدلب جزءًا من التحديات اليومية التي تواجه سكان المنطقة. والتي تتفاقم بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة. ومع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات وضعف الإنتاج المحلي. يبقى إيجاد حلول مستدامة لتلبية الطلب المتزايد ضرورة ملحة لتخفيف الأعباء على الأهالي. وضمان استمرار القطاعات الحيوية التي تعتمد على هذا الوقود بشكل كبير.