في ظل تحولات سياسية مفصلية أعقبت سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، سارعت الدول المجاورة لسوريا لاتخاذ إجراءات تُشجع اللاجئين السوريين على العودة الطوعية إلى بلادهم، قرارات جديدة أعلنتها تركيا والأردن، تهدف لتيسير العودة وتخفيف أعبائها، فبين قرارات تُمكن نقل الممتلكات وأثاث المنزل إضافة إلى تسهيل الإجراءات الحدودية.
التسهيلات التركية: خطوة جديدة نحو العودة
في تصريح لوزير الداخلية التركي “علي يرلي قايا”، أعلنت تركيا عن تسهيلات تتيح للسوريين العودة إلى بلادهم مع نقل ممتلكاتهم ومركباتهم، وأضاف الوزير أن بإمكان السوريين تقديم طلب إلكتروني عبر موقع إدارة الهجرة للحصول على موعد في اليوم نفسه.
كما كشف الوزير عن مبادرة جديدة تتيح لأحد أفراد العائلة السورية الدخول إلى سوريا والعودة منها ثلاث مرات خلال الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2025، لتسهيل ترتيبات عودة الأسر، ومن أجل تسهيل الإجراءات، أُنشئت مكاتب لإدارة الهجرة في السفارة التركية بدمشق والقنصلية في حلب.
هذه الخطوات أسفرت عن عودة أكثر من 25 ألف سوري خلال 15 يوماً فقط، وفق تصريحات الوزير، ليصل إجمالي العائدين منذ عام 2017 إلى 763 ألفاً، موضحاً أن أكثر 2.9 مليون سوري لا يزالوا تحت الحماية المؤقتة في تركيا.
الأردن وتخفيف الأعباء المالية
بدورها، أعلنت السفارة السورية في عمان تقديم وثيقة مرور مجانية للراغبين في العودة إلى سوريا، بعدما كانت تكلف 50 دولاراً، هذه الوثيقة تُمنح لمدة شهر واحد، وتستهدف تسهيل عودة السوريين، خاصة العائلات الكبيرة التي كانت تجد في تكاليف الوثائق عائقاً كبيراً، رغم ذلك تقتصر الاستفادة من هذه الوثيقة على فئات محددة تشمل المرضى والحالات الإنسانية.
أعباء العودة بين الآمال والمخاوف
التسهيلات المُعلن عنها في تركيا والأردن لاقت تفاعلاً متبايناً من السوريين، بعضهم رأى فيها بصيص أمل للعودة بعد سنوات من النزوح، بينما عبّر آخرون عن مخاوفهم من غياب الخدمات الأساسية في سوريا التي تتيح لهم الاستقرار.
في حديث خاص مع ” عبد الناصر الموسى” وهو لاجئ سوري مقيم في تركيا، قال: “نريد العودة، ولكننا نخشى أن تكون هذه التسهيلات مؤقتة، الوضع في سوريا ما زال هشاً، وأطفالنا بحاجة إلى تعليم وخدمات أساسية، لا يمكننا المخاطرة بمستقبلهم”.
تساؤلات حول الدور الدولي
رغم هذه الخطوات، تتصاعد دعوات المجتمع الدولي لضمان أن تكون العودة طوعية وآمنة وكريمة، مديرة المنظمة الدولية للهجرة ” إيمي بوب” حذرت من أن عودة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في ظل الظروف الحالية قد تؤدي إلى ضغوط كبيرة على البلاد، وربما تؤجج الصراع في هذه المرحلة الحساسة.
كما أن توفير البنية التحتية والخدمات الأساسية في سوريا يبقى عاملاً حاسماً لنجاح هذه المبادرات، وبدون دعم دولي مستدام، قد تتحول العودة إلى عبء إضافي يزيد من معاناة السوريين.
بين التسهيلات المقدمة والتحديات القائمة، تتأرجح آمال اللاجئين السوريين بين الرغبة في العودة والخوف من المجهول، ورغم أن المبادرات التركية والأردنية تعكس جهوداً لتيسير عودة العائلات، يبقى نجاح هذه الخطوات مرهوناً بتوفير ضمانات أمنية وإنسانية، ودعم دولي حقيقي يعيد بناء الوطن ويضمن استقراره.