على مدار أكثر من عشر سنوات، حُرم السوريون من استكشاف العديد من مناطق بلادهم بسبب الظروف الأمنية والسياسية. بعض المناطق أصبحت نقاطاً عسكرية مغلقة، فيما كانت أخرى قرب خطوط المواجهة، ما جعلها محظورة أو خطرة على المدنيين.
بعد سقوط النظام، تغيرت الأوضاع الأمنية والسياسية، وبدأت تلك المناطق تعود للحياة كوجهات سياحية داخلية، ليستعيد السوريون بعضاً من حقهم المفقود في الترحال والاستمتاع بجمال بلادهم.
الحرمان الطويل من السياحة والتنقل
تحدث أبو ياسين، أحد سكان العاصمة دمشق، عن جبل قاسيون الذي كان يوماً رمزاً للسياحة الداخلية في العاصمة، وقال: “كنا نزور الجبل بشكل دوري قبل الثورة السورية، نجلس في مطاعمه ونشاهد المدينة بأكملها من الأعلى. لكنه أصبح منطقة عسكرية منذ أكثر من عشر سنوات، وبات محظوراً على الأهالي”.
هذه القصة ليست الوحيدة، فهناك الكثير من المناطق السياحية والطبيعية الأخرى التي حُرم منها السوريون خلال السنوات الماضية، مثل قلعة حلب التي أغلقت أبوابها أمام الزوار لعقد من الزمن بسبب الحواجز الأمنية.
عودة النشاط السياحي الداخلي: بصيص أمل جديد
مع التحسن الأمني، بدأت بعض المناطق تعيد فتح أبوابها. تقول أم أحمد، التي زارت جبل قاسيون مؤخراً: “شعرت وكأنني أعود إلى أيام شبابي. منظر دمشق من الأعلى ما زال يأسر القلوب. لكن الفرق هذه المرة أنني استطعت الزيارة بدون خوف أو حواجز”.
قلعة حلب أيضاً عادت لتستقبل زوارها بعد أن كانت منطقة عسكرية. يروي زياد، أحد سكان مدينة حلب، عن أول زيارة لها بعد سنوات: “عندما دخلت القلعة شعرت بالحزن والفرح معاً؛ الحزن بسبب الأضرار التي لحقت بها، والفرح لأنني كنت أحلم بزيارتها خلال سنوات الحرمان منها”.
سهولة التنقل بين المحافظات
الفارق الكبير بين الماضي والحاضر يظهر في سهولة التنقل وحرية الوصول إلى المواقع السياحية. تقول رنا، وهي سيدة مقيمة في مدينة حلب: “في الماضي، كنا نحلم بزيارة أماكن مثل جبل قاسيون أو قلعة حلب، لكن الحواجز الأمنية وانتشار التفتيش في كل زاوية كانا يعيقان أي محاولة للتنقل بحرية. أما اليوم، نستطيع التحرك بين المحافظات في أي وقت دون أي عوائق، وكأننا عدنا إلى ما قبل سنوات الحرب”.
زياد، أحد سكان مدينة حلب، يروي عن زيارته الأخيرة لدمشق قائلاً: “لم أصدق مدى سهولة السفر من حلب إلى دمشق. الطريق كان سلساً وخالياً من أي حواجز عسكرية، والأهم أنه لم يكن هناك ما يشعر بالخوف أو القلق”.
اليوم، من يريد زيارة أي منطقة يستطيع القيام بذلك بكل سهولة. فالقيود الأمنية التي كانت تمنع السوريين من الاستمتاع ببلادهم أصبحت جزءاً من الماضي. العودة إلى حرية التنقل أعادت للناس شعوراً بالطمأنينة والقدرة على استكشاف جمال سوريا بدون خوف أو معاناة.
السياحة عنوان للأمل والاستقرار
عودة السوريين إلى استكشاف مناطق بلادهم بحرية واطمئنان تعكس قوة إرادة هذا الشعب ورغبته في استعادة ما فقده خلال سنوات الحرب. جبل قاسيون وقلعة حلب وغيرها من المواقع السياحية التي كانت شاهدة على الألم أصبحت اليوم عنواناً للأمل والاستقرار. وبينما يواجه السوريون تحديات الحياة اليومية، تبقى حرية التنقل واستكشاف وطنهم خطوة مهمة نحو بناء حياة جديدة أكثر إشراقاً.