في الأسواق السورية، حدثت تحولات اقتصادية كبيرة بعد سقوط النظام، حيث اختفى ما كان يعرف بالجمارك بين المحافظات، مما جعل حركة البضائع أكثر سهولة ومرونة، هذا التغيير لم يقتصر على تسهيل تدفق السلع، بل انعكس بشكل واضح على جيوب المواطنين، حيث شهدت أسعار الفواكه انخفاضًا ملحوظًا، وخاصة الحمضيات والموز.
البرتقال، الذي كان يُباع قبل شهرين بـ30 ليرة تركية (ما يعادل دولارًا واحدًا تقريبًا)، أصبح الآن متاحًا بـ10 ليرات فقط، أما الموز، الذي كان حلمًا على موائد الكثيرين بسبب سعره المرتفع الذي تجاوز 45 ليرة تركية (ما يقارب الدولار والنصف)، فقد تراجع إلى 28 ليرة للكيلو الواحد.
سهولة النقل وتلاشي الحواجز الجمركية
غياب الجمارك شكل نقطة تحول في التجارة الداخلية، حيث أصبحت البضائع تُنقل بسرعة وبتكاليف أقل، أبو عمار سائق شاحنة، يقول: “كنا نعاني من الانتظار الطويل عند الحواجز الجمركية، ومع إلغائها أصبحنا ننقل البضائع بأقل تكلفة وفي وقت قياسي، هذا هو السبب الرئيسي لانخفاض الأسعار”.
وأضاف: “ما حدث لم يكن مجرد إلغاء للجمارك، بل تحريرًا للسوق، مما أدى مباشرة إلى انخفاض التكاليف وبالتالي الأسعار”.
انخفاض الأسعار: البرتقال والموز نموذجًا
الحمضيات والموز أصبحت من أبرز الأمثلة على تأثير انخفاض التكاليف الجمركية، “أبو حسن” تاجر في سوق الهال بمدينة إدلب، يوضح: “البرتقال يأتي من اللاذقية بكميات كبيرة، وانخفضت أسعاره من 30 ليرة إلى 10 ليرات تركية، الناس يشترون كميات أكبر الآن، مما رفع حجم مبيعاتنا بشكل ملحوظ.”
أما أم حامد، وهي ربة منزل، فتقول: “كنا نشتري بالكيلو فقط، أما الآن أصبح بإمكاننا تخزين الحمضيات لفترة طويلة”.
تحديات في تنظيم الأسواق
على الرغم من الانخفاض الملحوظ في الأسعار، إلا أن سوق الهال يواجه تحديات أبرزها التنافس الحاد بين التجار. أبو خالد أحد تجار السوق، يقول: “الأسعار مغرية جدًا للمستهلكين، لكن بالنسبة لنا كتجار، التنافس الكبير يدفعنا أحيانًا لتقليل أرباحنا للحفاظ على زبائننا”.
وأضاف: “نعمل على تنظيم السوق لضمان استفادة الجميع. لكننا بحاجة إلى تدخل الجهات المحلية لإيجاد حلول مستدامة تساعدنا على مواجهة هذه التحديات”.
رأي المواطنين والتجار: بين الترحيب والقلق
انخفاض الأسعار كان خبرًا سعيدًا للمستهلكين، لكنه حمل في طياته أعباء جديدة على بعض التجار والمزارعين. أبو علي مواطن من إدلب، يعبر عن فرحته: “الموز والبرتقال كانا رفاهية يصعب الحصول عليها، أما الآن أصبح بإمكاننا شراؤهما بكميات تكفي العائلة بأسعار مناسبة جدًا”.
في المقابل، أبو يوسف، تاجر في السوق، يعرب عن قلقه: “المبيعات ارتفعت، لكن هامش الربح تقلص بشكل كبير. إذا استمر الوضع هكذا دون تدخل أو دعم. قد تواجه الأسواق مشاكل كبيرة”.
انخفاض أسعار الفواكه في سوريا أعاد التوازن إلى حياة الكثير من المواطنين. مما ساهم في تحسين قدرتهم الشرائية. ومع ذلك، فإن هذا التحول خلق تحديات جديدة للتجار والمزارعين، الذين يواجهون ضغوطًا كبيرة للحفاظ على أرباحهم واستدامة إنتاجهم.