محلي – اقتصاد:
انتعاش أسواق السمك في الساحل السوري بعد سنوات من القيود
خاص – SY24
بعد سنوات من التوقف، عادت حركة الصيد إلى شواطئ الساحل السوري، مما أشاع حالة من الأمل بين الصيادين الذين يعتمدون على هذه المهنة، فقد كان المنع الذي فرضته سلطات النظام السابق بحجة تنظيم القطاع سببًا في حرمان آلاف العائلات من مصدر رزقها الرئيسي.
اليوم، ومع السماح بالصيد مجددًا، بدأت أسواق السمك تشهد انتعاشًا ملحوظًا، مما أعاد الحيوية إلى شوارع المدن الساحلية.
خلفية المنع وأسبابه
على مدى سنوات، فرضت السلطات قيودًا مشددة على الصيد في الساحل السوري، مبررة ذلك بحماية الموارد البحرية، لكن العديد من الصيادين يؤكدون أن هذه القرارات كانت تخدم مصالح مجموعات مرتبطة بالنظام السابق أكثر من اهتمامها بالبيئة أو الاقتصاد.
يقول “أبو مصطفى”، وهو صياد وأب لخمسة أولاد يقيم في جبلة بريف اللاذقية: “كانت حياتنا متوقفة تمامًا، لا نستطيع النزول إلى البحر إلا بموافقات خاصة من وسيم الأسد، وحتى ذلك كان يأتي بتكاليف إضافية ومضايقات كثيرة”.
عودة الصيد وأثرها على الصيادين
عودة الصيد شكّلت بارقة أمل للصيادين، لكنها جاءت مع تحديات كبيرة، فالصيادون الذين توقفت أعمالهم لسنوات وجدوا أنفسهم أمام قوارب وشباك متضررة، ما دفع كثيرين منهم إلى استدانة الأموال لإعادة تشغيل معداتهم.
رغم كل العقبات، عادت مياه البحر لتكون ملاذهم الوحيد. يقول “أبو عادل”، وهو صياد في جبلة: “كانت فرحتنا كبيرة، لكن البداية كانت صعبة جدًا، البحر يحتاج تجهيزات مكلفة، ومع كل هذا، لا زلنا نواجه تحديات ومطالبات مالية مستمرة”.
انتعاش الأسواق وتنوع الأسماك
سرعان ما انعكست عودة الصيد على الأسواق المحلية، حيث امتلأت بالأسماك مثل السردين والبوري والهامور، هذا التنوع لم يقتصر فقط على تحسين حركة البيع، بل ساهم أيضًا في خفض الأسعار نسبيًا، مما جعل الأسماك متاحة لشريحة أوسع من المستهلكين.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
عودة الصيادين إلى العمل حسّنت من أوضاعهم المعيشية بشكل ملحوظ. فالأسواق التي كانت تعاني من نقص حاد في العرض استعادت نشاطها، وعاد المشترون للتردد عليها بحثًا عن الأسماك البحرية الطازجة.
يقول أحد الباعة في مدينة إدلب: “كان السوق ميتًا تمامًا، والأسماك المتوفرة فيه من المسامك المحلية فقط. الآن لدينا تنوع كبير في الأسماك البحرية، وهناك إقبال كبير من الأهالي عليها”.
على الجانب الآخر، استفاد المستهلكون من انخفاض طفيف في الأسعار، مما جعل السمك في متناول العديد من الأسر، خاصة مع توفر أنواع جديدة.
التحديات المستقبلية
على الرغم من الانتعاش الحالي، لا يزال قطاع الصيد يواجه تحديات كبيرة، مثل ارتفاع تكاليف المحروقات، التلوث البحري، والصيد الجائر، كما أن الإجراءات الإدارية والتنظيمية المعقدة تستمر في إلقاء أعباء إضافية على كاهل الصيادين.
يقول “أبو عادل”: “إذا لم تتحسن الظروف التنظيمية، وإذا استمرت المصالح الخاصة في التحكم بهذا القطاع، سنجد أنفسنا في نفس المأزق مرة أخرى”.
عودة الصيد في الساحل السوري ليست مجرد انتعاش لقطاع اقتصادي، بل هي عودة حياة كاملة توقفت لسنوات، ومع ذلك، لضمان استمرار هذا التحسن، يجب على السلطات توفير دعم حقيقي للصيادين، بعيدًا عن المصالح الضيقة والإجراءات المعقدة، ليبقى البحر مصدر رزق دائم لكل من يعيش على ضفافه.