ذكرت مصادر متقاطعة أنّ الإدارة السورية الجديدة قررت تأجيل موعد عقد المؤتمر الوطني، الذي كان مقرراً في الرابع من كانون الثاني/ يناير الجاري، من أجل استكمال الترتيبات الضرورية لإنجاحه، ويأتي هذا التأجيل في وقت تشهد فيه الساحة السورية حراكاً سياسياً ومدنياً مكثفاً، وسط توقعات بأن يحمل المؤتمر مخرجات مصيرية تتعلق بمستقبل البلاد.
الهيئة السياسية هي من تحدد الموعد
أكد الناشط السياسي رضوان الأطرش، الذي يعمل على تشكيل قوائم للمشاركة في المؤتمر، أنّ الأنباء المتداولة حول موعد انعقاده وتسميته لا تزال في إطار التكهنات، وأنّ القرارات المتعلقة بالترتيبات التنظيمية تبقى من اختصاص الهيئة السياسية للإدارة السورية الجديدة.
وفي الوقت نفسه، كشف قائد الإدارة السورية الجديدة في تصريحات سابقة أنّ المؤتمر سيشهد حل هيئة تحرير الشام وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد، إلى جانب التحضير لإجراء إحصاء وطني يمهّد لتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، وسط تقديرات بأن تستغرق هذه الترتيبات فترة تصل إلى أربع سنوات.
لقاءات تمهيدية بين دمشق وقسد
يتزامن تأجيل المؤتمر مع تطورات ميدانية في شمال شرق سوريا، حيث التقى ممثلون من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، في العاصمة دمشق. ووصف مصدر مطلع اللقاء، الذي نقلته الوكالة الفرنسية، بأنه كان تمهيدياً لتأسيس حوار مستقبلي، مع التأكيد على استمرار الاجتماعات بين الجانبين للوصول إلى تفاهمات سياسية وأمنية.
الهجري: نرفض تسليم السلاح
بالتزامن مع الحديث عن مؤتمر وطني، منعت فصائل محلية في محافظة السويداء دخول عناصر من الأمن العام التابع لإدارة العمليات العسكرية، في حين شدّد الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز وجهاء المدينة، على رفض تسليم السلاح قبل تشكيل الدولة وكتابة دستور يكفل حقوق جميع الأطراف، مشيراً إلى وجود من إقصاء بعض الأطراف، مؤكداً التزامه ببناء دولة تحترم خصوصيات المجتمع السوري.
المؤتمر.. خطوة مؤقتة لمعالجة الفراغ الدستوري
وفي سياق متصل، قال الناشط السياسي محمد راسم قنطار، الذي يشارك في التحضيرات للمؤتمر، إن المؤتمر المزمع عقده ليس سوى مرحلة تأسيسية مؤقتة تهدف إلى ملء الفراغ الدستوري بعد إبطال دستور 2012 وحل مجلس الشعب، موضحاً أن المؤتمر يسعى لمنح الشرعية للقيادة الجديدة وتأسيس إطار دستوري يمهد لمرحلة انتقالية مستقرة تقود البلاد إلى حالة دائمة من الاستقرار.
ويصرّ الائتلاف الوطني السوري المعارض على مشاركته في المؤتمر ككيان، وأن الأعضاء غير مخولين بالمشاركة في المؤتمر بصفتهم الشخصية، وأوضح رئيس الائتلاف، هادي البحرة، أنّ الإدارة السورية الجديدة لم تتواصل مع الائتلاف رغم وجود ممثلين له في دمشق، ما يعكس استمرار الهوة بين الطرفين.
إصرار على تمثيل أبناء الثورة في المرحلة الانتقالية
رأى الناشط علي السلطان، الذي يشارك في إعداد قوائم المشاركة بالمؤتمر، أنّ أبناء الثورة هم الأقدر على قيادة المرحلة الانتقالية استناداً إلى “شرعيتهم الثورية”، واعتبر أن المؤتمر يشكل فرصة لترسيخ الأمن ووضع أسس سياسية واقتصادية لعملية انتقال سياسي تضمن عودة المهجرين وتوسيع المشاركة في صنع القرار.
حراك سياسي ومدني لرسم ملامح المرحلة المقبلة
تشهد العاصمة السورية دمشق زخماً سياسياً ومدنياً مع عودة شخصيات سياسية من الخارج وتنظيم ورش عمل من قبل منظمات المجتمع المدني. ويسعى هذا الحراك إلى بلورة برامج عمل تعكس تطلعات مختلف الأطراف وتؤسس لرؤية سياسية جديدة، ووسط هذه التحركات، تبقى الأنظار متجهة إلى مخرجات المؤتمر الوطني المرتقب، في ظل التوقعات بأن ينتج عنه إعلان دستوري يمنح الشرعية للقيادة الحالية ويؤسس لمرحلة انتقالية تمهد لبناء سوريا جديدة تستند إلى توافق وطني وتبني مؤسسات دستورية قادرة على إدارة المرحلة المقبلة.