ارتفاع الأسعار في إدلب.. باحث اقتصادي يكشف الأسباب ويطرح الحلول

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

شهد سكان محافظة إدلب وريفها في الشمال السوري مؤخراً موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار، ما فاقم الأوضاع المعيشية وزاد من معاناة الأهالي، حيث ارتفعت أسعار المحروقات بشكل ملحوظ، بما في ذلك المازوت الذي يعتبر من أكثر السلع الأساسية استخدامًا من قبل العائلات في فصل الشتاء للتدفئة، كما بدت أسعار الخبز والخضروات واللحوم أكثر ارتفاعاً عن ذات السلع والمواد الغذائية في باقي المحافظات السورية، مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر، خصوصًا الأسر ذات الدخل المحدود والنازحين والمهجرين.

في جولة ميدانية داخل أسواق إدلب، لوحظ أن الأسعار مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة بباقي المحافظات السورية، وهو ما أثار استياء الأهالي الذين طالبوا بوضع حد لهذه الزيادات، معتبرين أن هذه الأسعار أصبحت عبئًا لا يحتمل، وقال “شادي ضميرية” أحد مهجري ريف دمشق، مقيم في إدلب خلال حديثه إلينا :”لم يعد لدينا القدرة على شراء الاحتياجات الأساسية، فحتى الخبز أصبح عبئًا ثقيلًا على كاهلنا، ناهيك عن أسعار المحروقات التي باتت تفوق قدرتنا على التحمل”.

وقد أشار العديد من الأهالي إلى أن صعوبة تأمين المحروقات، وخاصة المازوت الذي ارتفع سعره ووصل اللتر إلى 37 ليرة تركية بعد انقطاع المازوت نوع “المحسن” من معظم محطات الوقود وأصبح الاعتماد عليه في التدفئة أمرًا مكلفاً للعائلة، تقول” مرام محمود” سيدة نازحة مقيمة في شمال إدلب: إنها “تحتاج يومياً لأربعة لتر من المازوت للتدفئة بتكلفة 150 ليرة وهذا يفوق قدرتها المادية، ماجعلها تستغني عن مادة المازوت لصالح وسائل بديلة أقل تكلفة ولكنها أكثر ضرراً مثل الفحم البيرين وهو (تفل الزيتون) المستخدم في التدفئة في المنطقة.

وعليه طالب الأهالي من الجهات المعنية في إدلب بضبط الأسعار كما يتم في بعض المناطق الأخرى في سوريا، وتوفير المحروقات بشكل كافٍ للحد من معاناتهم، حيث ناشد بعضهم الحكومة المحلية ومنظمات المجتمع المدني بتقديم مساعدات إنسانية وإغاثية، والتي كانت قد توقفت أو تضاءلت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، مؤكدين أن هذه المساعدات كانت تساهم جزئيًا في سد احتياجات العديد من العوائل، إلا أن توقفها زاد من تعقيد الأوضاع.

في حديث  خاص مع الباحث الاقتصادي “محمد غزال” أوضح الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار في إدلب مقارنة بالمحافظات الأخرى في سوريا، مشيراً إلى أن التفاوت في المنتجات ومصادرها وأسعارها مقارنة بالمناطق الخاضعة سابقًا لسيطرة النظام كان قائمًا منذ البداية، ومع فتح المحافظات على بعضها، أصبحت إدلب مركز جذب للتجار والأهالي من المحافظات الأخرى بسبب توفر المنتجات ورخص أسعارها نسبيًا، هذا الإقبال الكبير والضغط الناتج عنه أدى إلى ارتفاع الأسعار بفعل زيادة الطلب من قبل التجار.

وأوضح الغزال أن الأوضاع المعيشية للأهالي تفاقمت نتيجة نقص المساعدات الإنسانية، حيث كانت المنظمات الإغاثية تركز دعمها على إدلب وريفها فقط، إلا أن توجه معظم المنظمات مؤخرًا إلى العاصمة والمدن الكبرى مثل حلب وحمص وريف دمشق أدى إلى تقليص الدعم المقدم لسكان إدلب، مما أثر على حياتهم اليومية وزاد من معاناتهم.

الحلول المقترحة

أكد “الغزال” على أهمية تعزيز دور المنظمات الإنسانية والإغاثية وزيادة المساعدات المقدمة للأهالي في إدلب، وأشار إلى أن الحل يجب أن يتمحور حول ثلاث مسارات رئيسية: الإغاثة الطارئة، التعافي المبكر، وإعادة الإعمار، ولفت إلى ضرورة استمرار الإغاثة الطارئة، مشيرًا إلى وصول قوافل مساعدات من الخليج والسعودية، والتي تحتاج إلى وقت لتغطية كافة المناطق السورية، وبيّن أن التركيز على العاصمة والمدن الأخرى يمكن أن يخفف الضغط على إدلب ويؤدي إلى انخفاض الأسعار تدريجيًا.

كما شدد على ضرورة ضبط الأسواق من قبل الحكومة، خصوصًا في ظل التوجه نحو السوق الحرة، مشيرًا إلى ضرورة وضع حدود دنيا وعليا للأسعار لمنع التجاوزات وضمان استقرار السوق.

أثر العملة والتوصيات الأخرى

بالإضافة إلى ذلك، تناول “الغزال” تأثير استخدام العملة التركية في إدلب مقارنة بالليرة السورية في باقي المحافظات، مبينًا أن هذا التفاوت يلعب دورًا كبيرًا في اختلاف الأسعار، وهو أمر معقد ويحتاج إلى وقت لحله، لكنه أشار إلى التحسن الذي شهدته الليرة السورية مؤخرًا، ما يبعث ببعض الأمل على المدى القريب.

واختتم “الغزال” حديثه بالإشارة إلى أهمية إلغاء الرسوم الجمركية عن بعض المواد الأساسية، معتبرًا أن هذه الخطوة من شأنها تعزيز الإنتاج وزيادة وفرة السلع في السوق، مما يساهم في خفض الأسعار وتحسين الوضع الاقتصادي بشكل

الارتفاع الكبير للأسعار، وخصوصًا فيما يتعلق بالمحروقات والسلع الأساسية، ومع استمرار غياب المساعدات الإنسانية، بات الوضع أكثر تعقيدًا بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود والفقراء الذين يعيشون في ظروف صعبة، إن الاستجابة السريعة لتلبية احتياجات الأهالي وضبط الأسعار تعتبر أمرًا حيويًا لتحسين الوضع الراهن وتخفيف المعاناة.

مقالات ذات صلة