جدّد المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، من تهديداته لسوريا والشعب السوري، مشيراً إلى أن من اعتدى على أرض سوريا سيجبر يوما ما على التراجع، في حين فرض كبير مستشاريه، علي لاريجاني، شروطاً للتعامل مع الحكومة المؤقتة في دمشق.
تهديدات باستعادة سوريا
وفي التفاصيل، قال خامنئي خلال مشاركته في مراسم إحياء الذكرى الخامسة لمقتل قائد ميليشيا “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أمريكية على مطار بغداد في كانون الثاني/يناير 2020.
وتطرق خامنئي إلى الأحداث الأخيرة في سوريا قائلا: “إذا أخرجت دولة ما عناصر ثباتها وقوتها من الساحة، ستصبح كـسوريا وستكون عرضة للاحتلال كما يحصل الآن في سوريا من قبل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وبعض الدول الإقليمية”.
وأضاف: “سوريا للسوريين ومن اعتدى على أرضها سيُجبر بدون شك على الانسحاب أمام مقاومة الشباب السوري المؤمن الذي وبالتأكيد سيسحق قواعد أمريكا تحت أقدامه ويحقق النصر النهائي”.
كما أشار خامنئي بشكل غير مباشر إلى أحمد الشرع قائلاً: “لا تنظروا إلى هؤلاء الجولانيين الباطلين، هؤلاء الذين يتبجحون اليوم سيتعرضون يوماً ما للسحق تحت أقدام المؤمنين”، حسب ما نشرت وسائل إعلام إيرانية معارضة.
وأوضحت المعارضة الإيرانية، أن هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها خامنئي عن استعادة سوريا، فقد وعد في تصريحات سابقة في 11 و22 كانون الأول/ديسمبر 2024، باستعادة سوريا من الحكام الجدد، وشجع شباب سوريا على الوقوف في وجه الحكومة الجديدة، كما وصف لبنان واليمن بأنهما “رمزان للمقاومة”، مؤكدًا أنهما سينتصران في النهاية.
شروط إيرانية للتعامل مع القيادة السورية الجديدة
من جهته، وضع علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد الإيراني، شروطًا للتعامل مع القيادة السورية الجديدة.
وأكد لاريجاني خلال لقاء تلفزيوني أن تعامل إيران مع السلطة الجديدة في سوريا يعتمد على تصرفاتها، قائلاً: “تعاملنا معهم يعتمد على تصرفاتهم إذا قالوا إنهم بصدد الدفاع عن وحدة أراضي سوريا ومنح كل الفئات حقوقها وبناء دولة ديمقراطية، فنحن سندعمهم”.
وأضاف لاريجاني متسائلاً: “لكن، هل سيطبقون هذا الكلام على أرض الواقع؟ هذا هو المهم، وهل سيكون باطنهم كما هو في الظاهر؟”، كما اعتبر أن “صمت حكام سوريا الجدد أمام الاحتلال الصهيوني لن يصب في مصلحتهم”.
محاولات لتبرير الهزيمة الإيرانية في سوريا
وقال طاهر أبو نضال الأحوازي، عضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات العربية لمنصة SY24: “إن تصريحات خامنئي تدل على فشل سياسة طهران، وأيضا تأتي في سياق التغطية وتغيير الأنظار عن ما تم كشفه من جرائم الإرهاب الفارسي على أرض سوريا”.
وفي ما يتعلق بمهاجمة خامنئي لقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع بشكل غير مباشر، قال الأحوازي: “إن قادة النظام الإيراني جميعا أيديهم ملطخة بدماء عشرات الملايين من الأبرياء، وبالتالي فإن كل تصريحاتهم مردودة عليهم نظرا لسجل إيران الحافل بالجرائم بحق سوريا والسوريين”.
وتأتي هذه التصريحات من النظام الإيراني في وقت تشهد فيه سوريا تحولات كبيرة بعد سقوط نظام الأسد السابق، مما أثار ارتباكًا بين المسؤولين الإيرانيين، وفقًا لتقارير إعلامية.
من جانبه، قال وجدان عبد الرحيم، باحث مختص في الشأن الإيراني والعربي لمنصة SY24: “إن التصريحات الإيرانية، سواء تلك التي تصدر عن خامنئي أو غيره من المسؤولين الإيرانيين، تحمل في طياتها كثيراً من الرسائل السياسية التي تعكس قلق النظام الإيراني من التحولات الإقليمية”.
وأضاف: “النقاط التي ذكرتها توضّح هذا الأمر بوضوح: النقطة الأولى: هزيمة المشروع الإيراني في حال سقوط النظام السوري، فلا شك أن إيران تعتبر النظام السوري حليفاً استراتيجياً في المنطقة، وسقوط بشار الأسد يعني ضربة قاصمة لما تسميه إيران (العمق الاستراتيجي)، فسوريا ليست فقط جسراً يربط طهران بحزب الله في لبنان، بل أيضاً بوابة نفوذ مهمة إلى المنطقة العربية. الهزيمة في سوريا تعني فشل المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة بأكملها”.
وتابع: “أن النقطة الثانية هي التخوف من الاستقرار في سوريا، فالنظام الإيراني يعتمد على خلق الفوضى في المناطق التي يتدخل فيها لضمان عدم استقرارها، تماماً كما حدث في العراق بعد 2003، وهذا التخوف ينبع من أن استقرار سوريا قد يرسل رسائل إيجابية إلى الشعب الإيراني، الذي قد يطالب بالحرية والاستقرار ذاته داخل إيران”.
أما النقطة الثالثة، فهي الفشل في حماية النظام السوري، أي أنه رغم كل الجهود الإيرانية والمليشيات التي دفعت بها إلى سوريا، بما في ذلك الحرس الثوري، فيلق القدس، وحزب الله، لم يتمكنوا من حماية النظام السوري بشكل كامل أمام الحراك الشعبي، وهذا يبرز مدى هشاشة المشروع الإيراني أمام إرادة الشعوب، وإذا كان النظام الإيراني عاجزاً عن حماية حلفائه، فإن قدرته على حماية نفسه من الداخل تصبح موضع شك كبير”.
وأكد على أن: “تصريحات لاريجاني وغيرها ما هي إلا محاولات لتبرير الهزيمة السياسية والاستراتيجية التي تواجهها إيران في سوريا، فالنظام الإيراني يدرك تماماً أن وجوده في سوريا أصبح غير مرحب به، وأن المشروع الإيراني في المنطقة يواجه انهياراً تدريجياً بفعل الضغوط الداخلية والخارجية”.
إعادة سوريا إلى المحور الإيراني
وقال الباحث في الشأن الإيراني، حسن راضي لمنصة SY24: “إن خامنئي والمسؤولين الإيرانيين أصابتهم الصدمة والإرباك كونهم خسروا ساحة واسعة واستراتيجية فيها عشرات الميليشيات كانت تؤمن سياسة إيران التوسعية وتدعمها، والتي أصبحت منطلقا لسياسة إيران التخريبية في المنطقة برمتها”.
وأضاف: “هذه التصريحات أكثر من استفزازية وتعتبر تدخلا بالشأن السوري الداخلي وتعتبر تحريضا على سوريا وأمنها واستقرارها، وأتوقع بأن النظام الإيراني لن يكتفي بالتحريض من بعيد بل سيعمل على خطة عملية للتدخل في شأن سوريا لإعادتها إلى المحور الإيراني وبسط نفوذه عليها”.
يشار إلى أن صحيفة “نيويورك تايمز” أفادت بأن سقوط نظام الأسد السابق تسبب في ارتباك بين المسؤولين الإيرانيين، خاصة فيما يتعلق بتأمين الموارد العسكرية لميليشيا “حزب الله” اللبناني عبر سوريا.