الناجون من المعتقلات السورية: ذكريات أليمة وحاجة ماسة للدعم والعدالة

Facebook
WhatsApp
Telegram
الناجون من المعتقلات السورية: ذكريات أليمة وحاجة ماسة للدعم والعدالة

خاص - SY24

عاد المعتقل “طه الخطيب”، البالغ من العمر 42 عامًا، إلى عائلته في مدينة إدلب بعد سنوات قضاها في سجون النظام السوري، حيث تعرض لتعذيب جسدي ونفسي ترك آثارًا عميقة على حالته الصحية. “طه” الذي تم تحريره من سجن عدرا عقب سقوط النظام وفتح المعتقلات، يعيش اليوم في عزلة تامة ويتجنب الحديث إلى وسائل الإعلام، كما أكدت زوجته التي قالت إنه “ما يزال يعاني من اضطرابات نفسية تجعل من الصعب عليه التأقلم مع حياته الجديدة، وسط انعدام أي مبادرات محلية لمساعدة المعتقلين”.

تقصير الدعم للمعتقلين

رغم أهمية ملف المعتقلين/ات، فإن الجهود المبذولة لدعمهم، سواء على الصعيد النفسي أو الصحي، تبدو شديدة التواضع. المؤسسات والمنظمات التي تعنى بشؤون المعتقلين تقدم مبادرات خجولة وغير كافية لتلبية احتياجاتهم، مما يزيد من معاناتهم في ظل غياب الدعم المطلوب.

“سارة مصطفى”، وهي ناجية من المعتقل، أوضحت أن المعتقلين الجدد يعانون بشكل كبير من صعوبة التأقلم مع حياتهم بعد الإفراج عنهم، إذ يرفض معظمهم الحديث إلى وسائل الإعلام بسبب حالتهم النفسية، وأضافت أن تجربة العزلة النفسية التي مرّت بها بعد خروجها من المعتقل دفعتها إلى إدراك الحاجة الماسة للدعم النفسي الذي لم يتوفر لها.

أوضحت أن هناك صعوبة في الوصول إلى المحررين الجدد من سجون النظام، لأنهم غالبا يحتاجون بعض الوقت لترتيب حياتهم بعد الإفراج عنهم، لذلك يتجنب معظمهم الظهور على وسائل الإعلام بسبب حالتهم النفسية، وهناك كثير منهم لديه أمراض جسدية تحتاج للعلاج فضلاً عن سوء حالتهم المادية وعدم امتلاكهم للهواتف الشخصية المحمولة التي تمكنهم من التواصل مع العالم الخارجي كل تلك التحديات يواجهها المعتقلون /ات.

وأضافت من خلال تجربتها الشخصية أنها احتاجت إلى شهرين من العزلة النفسية بعد خروجها من المعتقل ريثما تمكنت من العودة للانخراط بالمجتمع والحديث عن التجربة، وهذا دفعها إلى إدراك الحاجة الماسة عند المحررين الجدد للدعم النفسي.

استجابة ضعيفة

الناشطة الاجتماعية “أحلام الرشيد” أشارت إلى ضعف الاستجابة الوطنية والدولية تجاه ملف المعتقلين، مؤكدة أن هذا الملف يحتاج إلى تدخل حاسم، وأضافت أن الحكومة والمنظمات الدولية تتجاهل بشكل غير مبرر معاناة المعتقلين والمفرج عنهم، بينما يزداد الضغط على الناجين وعائلاتهم.

مبادرات متواضعة

في خطوة محدودة، أعلنت مديرية صحة حمص عن افتتاح عيادة مجانية لرعاية المعتقلين في المشفى الوطني بحي جورة الشياح، لتقديم العلاج النفسي والبدنية، لكن هذه المبادرات تبقى رمزية ولا تلبي الاحتياجات الكبيرة، حيث ستستمر العيادة لمدة ثلاثة أسابيع فقط.

ملف المعتقلين السوريين يُعد من أبرز القضايا الإنسانية التي برزت خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير التقارير الحقوقية إلى تعرض آلاف المعتقلين للتعذيب وسوء المعاملة داخل سجون النظام السوري، ومع سقوط النظام وفتح المعتقلات، خرج العديد من الناجين حاملين معهم ذكريات مروعة وحالات صحية ونفسية متدهورة، وعلى الرغم من الجهود الإعلامية لتسليط الضوء على معاناتهم، إلا أن معظمهم يفضلون الصمت خوفًا من الوصمة الاجتماعية أو بسبب تدهور حالتهم النفسية.

في ظل غياب الجهود الكافية لدعم المعتقلين والمفرج عنهم، يبقى هذا الملف جرحًا مفتوحًا في المشهد السوري، المطلوب وفق عوائل معتقلين تحدثنا إليهم هو تدخل حقيقي من جميع الجهات المعنية، سواء الوطنية أو الدولية، لتقديم الرعاية الصحية والنفسية اللازمة للناجين، والعمل على توثيق قصصهم لضمان تحقيق العدالة والمحاسبة، إذ تظل قضية المعتقلين شاهدًا حيًا على حجم المأساة الإنسانية التي شهدتها سوريا، وتذكيرًا بضرورة وضع حقوق الإنسان على رأس الأولويات.

وكانت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قد أصدرت بياناً جديداً يسلط الضوء على استمرار الكارثة الإنسانية الناتجة عن الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في سوريا، وذلك رغم فتح جميع مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد، إذ أكدت أنَّ هناك ما لا يقل عن 112,414 شخصاً لا يزالون مختفين قسراً على يد نظام الأسد، على الرغم من الإفراج عن آلاف المعتقلين في الأسابيع الأخيرة، في حين بلغ عدد المُفرج عنهم بعد فتح السجون، نحو 24,200 شخص، ووفق قاعدة بيانات الشَّبكة (حتى آب/2024) بلغ العدد الإجمالي للمعتقلين والمختفين قسراً 136,614 شخصاً، مما يعني أنَّ أكثر من 112,414 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين.

مقالات ذات صلة