ينتظر حسام محمود، العامل في مديرية التربية في حلب، قبض راتبه الشهري، فهو على قلته يسهم – كما يقول – في تأمين بعض احتياجات عائلته الأساسية.
يشير حسام إلى أن الوضع ما يزال ضبابيًا حتى الآن، وأن الوعود الحكومية تمنحه الأمل بمستقبل أفضل، لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن لديه مخاوف من المستقبل، شأنه في ذلك شأن آلاف العاملين في القطاع الحكومي السوري.
عبد المطلب بصمه جي، العامل في مؤسسة عسكرية إنشائية في حلب، ينفي قبض راتبه، ويقول: “لم أقبض راتبي حتى الآن، وهناك وعود بأن تتم العملية خلال الأيام القليلة القادمة”.
ويوضح بصمه جي أن عددًا من موظفي الإدارة ورؤساء الأقسام قبضوا رواتبهم، نافياً وجود أي زيادة على الراتب الأساسي لمن تلقوا راتبهم الشهري.
التصريحات الحكومية
تأتي الشكاوى بشأن عدم قبض الرواتب بالتزامن مع تصريحات صادرة عن المعنيين في وزارة المالية، بأن رواتب كافة المتقاعدين المسجلين في مؤسسات التأمينات الاجتماعية ستصرف خلال الأسبوع المقبل، كما وعدت حكومة تصريف الأعمال بالعمل على زيادة الرواتب بنسبة 400%.
وجهت حكومة تصريف الأعمال في وقت سابق بتنزيل تطبيق “شام كاش” من أجل تحميل رواتب الموظفين عليه، وهو برنامج معتمد لدى حكومة الإنقاذ في إدلب لصرف الرواتب، لكنه قد يواجه مشاكل عديدة تتعلق بالموثوقية، وإضافة الليرة السورية إليه، كونه يحتوي على عملتي الدولار والليرة التركية حتى الآن.
محاولات للحصول على إجابات
حاولت صحيفة SY24 التواصل مع مسؤولين في وزارة المالية والبنك المركزي للحصول على معلومات حول كتلة الرواتب الشهرية وأعداد الموظفين، لكنها لم تتلقَّ أي ردود منهما حتى لحظة نشر التقرير.
تأكيدات على صرف الرواتب
أكد نقيب الاقتصاديين، محمد البكور، أن الرواتب ستصرف في موعدها المحدد وفق الأطر المعتمدة سابقًا، وأن تغطية الاعتمادات ستكون من ضمن موارد الدولة، ورغم ذلك، فإن عدم قبض موظفي عدد من المؤسسات الحكومية لرواتبهم يثير القلق.
تحديات التمويل وبطالة مقنعة
رغم تصريحات وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال بتمديد السنة المالية لمدة شهر لإنهاء الأمور العالقة، أشار الوزير إلى وجود نسبة كبيرة من العاملين في مؤسسات الدولة يتقاضون رواتب دون ممارسة عمل فعلي أو يعملون بشكل بطالة مقنعة، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في هذا الملف وإيجاد حلول مناسبة.
رواتب المتقاعدين والمياومين
أشار الوزير المسؤول إلى أن رواتب العمال المؤقتين والمياومين في الإدارة المحلية ستبحث مع الجهات المعنية، فيما يتعلق بآليات صرف مستحقاتهم، مشيرًا إلى صرف رواتب المتقاعدين خلال الشهر الجاري.
حلب وإدلب خارج المعادلة الإدارية الحكومية
الإجراءات الإدارية فيما يتعلق بالرواتب والموظفين في حكومة تصريف الأعمال ما تزال منفصلة عن مؤسسات حكومة الإنقاذ في إدلب والحكومة السورية المؤقتة في ريف حلب.
وتشير مصادر متعددة إلى أن حكومة الإنقاذ صرفت لموظفيها رواتب الشهر الماضي مدعومة براتب إضافي تحت بند “مكافأة النصر”، فيما أُعلن مطلع الشهر الجاري عن زيادة رواتب المعلمين في ريف حلب بنسبة 50%، ليبلغ متوسط راتب المعلم في المنطقة 4200 ليرة تركية، أي ما يعادل 140 دولارًا أميركيًا.
مقارنة الرواتب وتحديات التضخم
لا يتعدى راتب الموظف من الفئة الأولى 310 آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل 25 دولارًا أميركيًا فقط، فيما تبلغ كتلة الرواتب والأجور الحكومية نحو 4 آلاف مليار ليرة، بحسب تصريحات مسؤولين في حكومة النظام السابق.
ويتخطى عدد العاملين في القطاع العام نحو مليون ومئتي ألف، وفق مكتب الإحصاء المركزي لعام 2022، حيث يُعتبر نحو 50% منهم من البطالة المقنعة في المؤسسات الحكومية.
تواجه حكومة تصريف الأعمال تحديات كبيرة في تأمين رواتب موظفيها وسط أزمة اقتصادية خانقة، رغم الوعود بتحسين الرواتب والاعتماد على برامج مالية حديثة، ومع ذلك، تظل التساؤلات حول موارد التمويل لتغطية هذه الوعود المتكررة برفع الرواتب والأجور.