يمضي طلاب مدارس ريف دمشق، وخاصة المناطق الأكثر برودة من العاصمة، ساعات طويلة خلال الدوام المدرسي دون أي وسيلة تدفئة بسبب انعدام توفر المازوت المخصص للمدافئ، وتزداد المعاناة في الأيام التي تشهد انخفاضًا حادًا في درجات الحرارة، خصوصًا في مناطق القلمون الجبلية، حيث تسجل الحرارة أدنى مستوياتها.
وفي ظل هذا الواقع، تظهر مبادرات فردية من الأهالي وذوي الطلاب للمساهمة في تأمين الوقود، سواء عبر المازوت أو الحطب، إلا أن العديد من المدارس لا تزال تفتقر للتدفئة بشكل كامل.
تروي فاتن الخالد، وهي أم لثلاثة أطفال في المرحلتين الابتدائية والإعدادية من بلدة رنكوس، معاناة أبنائها الذين قضوا الأشهر الماضية دون أي وسيلة تدفئة داخل المدارس، تقول “فاتن”: “البرد القارس أثر على صحتهم، إذ أصيبوا بأمراض عديدة نتيجة الساعات الطويلة التي يمضونها يوميًا في أجواء شديدة البرودة، تصل لأكثر من خمس ساعات يوميًا”.
حلول فردية ومحاولات مجتمعية للتدفئة
تعرف مناطق القلمون ببرودتها القاسية، ما دفع بعض الطلاب إلى جلب قطع من الحطب أو لترات قليلة من المازوت من منازلهم لتشغيل المدافئ داخل المدارس، ويؤكد عدد من الأهالي أن هذه الجهود الفردية لا تكفي لتغطية احتياجات المدارس من الوقود، لكنها تمثل محاولات يائسة لمواجهة البرد القارس.
الوضع في باقي مناطق ريف دمشق لا يختلف كثيرًا، كما في منطقة بسيمة بوادي بردى، حيث أطلق الأهالي حملة لجمع التبرعات لتوفير المازوت للمدارس، وأوضح “علي السيد”، أحد سكان البلدة، أن البرد الشديد أجبر العديد من الطلاب على التوقف عن الذهاب للمدارس، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية بشكل كبير.
الأزمة تطال المنازل أيضًا
لم يقتصر نقص المحروقات على المدارس فقط، إذ أكد سكان من ريف دمشق أن الكثير من العائلات حصلت منذ بداية الشتاء على كميات قليلة من المازوت لا تتجاوز 50 لترًا، وهي كمية بالكاد تكفي لعشرة أيام بسبب برودة الطقس.
مبادرات محلية تخفف العبء
في ظل تفاقم الأزمة، ظهرت مبادرة محلية في القلمون قامت بتأمين 20 ألف لتر من مادة المازوت لدعم بلدة رنكوس، وأوضح مجلس إدارة شؤون البلدة أن المازوت وُزِّع على المدارس لضمان تدفئة الطلاب أثناء تلقي التعليم، إضافة إلى المراكز الخدمية والمساجد وعدد من العوائل الفقيرة والمهجرة العائدة من إدلب.
وتعكس أزمة التدفئة في مدارس ومناطق ريف دمشق الواقع الصعب الذي يعيشه السكان في ظل نقص المحروقات وانعدام الدعم الحكومي الكافي، وبينما تظهر مبادرات مجتمعية تسعى لتخفيف المعاناة، تبقى هذه الحلول جزئية وغير قادرة على مواجهة الاحتياجات المتزايدة مع استمرار الشتاء، وفي ظل هذه الظروف، يحتاج الطلاب وعائلاتهم إلى تدخلات عاجلة لضمان حقهم الأساسي في التعليم والحياة بكرامة بعيدًا عن أعباء البرد القارس.