حذّرت وزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة، المواطنين من شراء عقارات أو إبرام عقود بيع مع أي شخص متورط بدماء السوريين، خاصة أولئك الذين كانوا مرتبطين بنظام الأسد السابق.
وجاءت هذه التحذيرات في إطار الجهود الرامية إلى حماية أملاك المواطنين من أي عمليات فسخ للعقود قد تنتج عن تعاملهم مع أشخاص متورطين في انتهاكات حقوقية أو جرائم ضد السوريين.
وأكدت الوزارة في بيانها أن هذه الخطوة تأتي حفاظاً على حقوق الملكية الخاصة بالمواطنين، مشيرة إلى أن الممارسات التي كانت سائدة في عهد النظام السابق، مثل سرقة الأملاك وتزوير عقود البيع والشراء، لا تزال تشكل تهديداً كبيراً لأصحاب العقارات، خاصة أولئك الذين يعيشون خارج البلاد أو من المعارضين السياسيين.
ومطلع العام 2024، أكد مراسل منصة SY24 في دمشق على انتشار عمليات تزوير العقود والوكالات العقارية في مناطق ريف دمشق، خاصة من قبل محامين مقربين من ضباط النظام وقادة الميليشيات الإيرانية.
وأشار المراسل إلى أن هذه العمليات تتم بشكل متسارع ودون أي رادع أو محاسبة، حيث يتم تزوير وثائق ملكية العقارات التي تعود لمدنيين معارضين يقيمون خارج سوريا.
وأضاف أن عمليات التزوير تتم بالتنسيق بين السماسرة وأصحاب المكاتب العقارية وبعض المحامين، حيث يتم تحديد العقارات ودراسة المناطق المستهدفة لتزوير أوراقها وبيعها على أنها شرعية وقانونية.
ومن أمثلة استيلاء المتنفذين على عقارات النازحين والمهجرين وبيعها لأشخاص آخرين، ذكر محمد الشيخ، أحد سكان مدينة حمص، لمنصة SY24، أن منزل أسرته في أحد أحياء المدينة تم بيعه عام 2013 من قبل أحد الضباط المتنفذين لإحدى العائلات بمبلغ 5 ملايين ليرة سورية، دون أي عقد بيع رسمي، بل مجرد ورقة موقعة مع شاهدين فقط.
وأضاف الشيخ أنه عندما ذهب أحد أقاربه لتفقد المنزل، أخبرته العائلة التي تقطنه بأنها اشترته من الضابط المسؤول عن الحواجز في المنطقة، مشيرة إلى أنه في حال رغبة الأسرة في استعادة المنزل، يتوجب عليهم التفاهم مع الضابط المذكور.
وتبرز هذه الحالة واحدة من العديد من القصص التي تعكس استغلال المتنفذين لغياب القانون واستيلائهم على ممتلكات النازحين والمهجرين بشكل غير قانوني.
وحول ذلك، قال الحقوقي عبد الناصر حوشان لمنصة SY24: إن “قرار وزارة سليم ويهدف إلى حماية الملكية العقارية وخاصة المسلوبة والمنهوبة من قبل شبيحة النظام البائد، وأن أي عقد يجريه هؤلاء يعتبر باطلاً و بالتالي تضيع حقوق الناس والدخول في خصومات جديدة، أضف إلى ذلك فهؤلاء الشبيحة يبيعون أملاكهم لتهريبها من أي ايه أحكام قضائية تصدر بحقهم مستقبلا”.
وأضاف: “وثقنا كحقوقيين كل أشكال وأنماط انتهاكات حقوق الملكية ابتداء من التزوير وانتهاء بالاستيلاء غير المشروع بقرارات أمنية وأحكام محاكم الإرهاب والمحكمة الميدانية”.
وتابع: أن “من كان يقف وراء عمليات الاستيلاء على عقارات المدنيين ضباط ومسؤولين وقادة ميليشيات وعصابات منظمة من السماسرة والقضاة والمحامين، أضف إلى ذلك الشركات المحلية التابعة لعصابات النظام البائد والنظام الإيراني وحزب الله”.
وأكد على أن نسبة استيلاء المتنفذين على العقارات بطرق غير قانونية لا يمكن حصرها بشكل نهائي، لأن عمليات التزوير وباقي الأنماط لا تظهر إلا من خلال مراجعة سجلات الملكية، حسب تعبيره.
وكانت “هيئة القانونيين السوريين الأحرار” قد أصدرت مذكرة في 17 نيسان/أبريل 2021، كشفت فيها عن استيلاء نظام بشار الأسد على عقارات وأموال السوريين دون وجه حق، وذلك خارج نطاق القانون والقضاء، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً صارخاً للدساتير والقوانين المحلية والدولية التي تحمي حقوق الملكية.
وأوضحت الهيئة أن عمليات الاستيلاء على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمعارضين السوريين تتم في ظل غياب تام للقانون والسلطة القضائية المستقلة، مما يعكس استكمالاً لسياسة التهجير القسري التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في سوريا.
من جانبه قال المحلل السياسي فراس السقال لمنصة SY24: “أرى أن تحذير الوزارة من ذلك له أبعاد قانونية واجتماعية وسياسية، وله إيجابيات وأيضاً بعض التحديات، فقانونياً هذا التحذير يعكس نية الدولة في حماية الحقوق العقارية، ومنع وقوع المواطنين ضحايا لعمليات بيع غير شرعية قد تؤدي إلى إلغاء العقود لاحقًا، كما يمكن أن يكون لهذا التحذير أساس قانوني يتعلق بالملكية وعقود البيع التي تمت بناءً على ضغوط غير قانونية، وقاعدة (ما بُني على باطل فهو باطل) واضحة في إجراء تلك المعاملات”.
وأشار إلى أنه: “مع إيجابيات القرار فإنه يحمل بعض التحديات، فقد نخشى أن يُثير هذا التحذير تساؤلات حول كيفية التحقق من خلفية البائعين وآلية تطبيق القرار، مما قد يؤدي إلى تفسيرات متباينة وصراعات قانونية، والأهمّ من ذلك هو التخوف من خطر استخدام التحذير كأداة لتصفية حسابات شخصية أو سياسية، إذا لم يتم ضبط وتنفيذ القرار بشكل شفاف وعادل”.
يذكر أن النظام السابق أصدر القانون رقم 10 لعام 2018، والذي يمنحه الحق في وضع اليد على الأملاك العامة، وهو ما فسره العديد من الخبراء والمنظمات الدولية على أنه أداة لمصادرة أملاك النازحين واللاجئين السوريين.
واعتبر الاتحاد الأوروبي حينها أن هذا القانون سيمنع عودة اللاجئين إلى ديارهم، بينما حذرت منظمة العفو الدولية من أن هذا القانون سيؤدي إلى تغييرات جذرية في البنية الاجتماعية والاقتصادية في سوريا.