شهدت مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، اليوم الاثنين، إضراباً عاماً شلّ حركة الأسواق، حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها احتجاجاً على قرار حكومة تصريف الأعمال السورية بتوحيد التعرفة الجمركية في المعابر الحدودية. القرار، الذي صدر قبل يومين، أثار غضب التجار والسكان على حد سواء، لما حمله من تبعات اقتصادية أثقلت كاهل المواطنين في ظل أزمة معيشية خانقة.
شلل اقتصادي ومطالب بإعادة النظر
عدسة موقع SY24 وثّقت المشهد في الأسواق الرئيسية بمدينة أعزاز، حيث توقفت حركة البيع والشراء تماماً، لا سيما بين تجار الجملة. جاء الإغلاق تعبيراً عن رفض التجار للرسوم الجمركية الجديدة، التي فرضت زيادات كبيرة على مختلف الأصناف التجارية، مما تسبب بركود اقتصادي وخسائر للتجار الذين يعتمدون على نظام الثقة والتوصيات المسبقة بين البائع والمشتري.
https://www.facebook.com/syr24iaa/posts/pfbid0HSa4H2UMEbrjaDmiUtqp9NNpcCAgkkdnM38nqb6v2GmJxwdawXYp5vB2o7k1f5c7l
القرار بمثابة ضربة قاضية
مراسلنا التقى فهد كسيبة، أحد تجار المدينة، الذي أوضح أن هذه القرارات أحدثت صدمة غير متوقعة في السوق، خاصة أنها جاءت في توقيت يعاني فيه السكان من تدني مستوى الدخل، حيث لا يتجاوز متوسط دخل الفرد 100 دولار شهرياً وأحياناً أقل بكثير. وأكد كسيبة أن سكان الشمال السوري، الذين يعيشون آثار الحرب والنزوح وغلاء المعيشة، غير قادرين على تحمل زيادات مفاجئة بهذا الحجم. وأضاف أن القرار أثّر بشكل خاص على العائلات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، الذين باتوا عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية من مواد غذائية كالأرز والسكر والزيت.
توقيت خاطئ وسياسة غير منطقية
وأشار تجار وصناعيون تحدّثنا إليهم إلى أنهم يدعمون أي قرارات تُسهم في تطوير الاقتصاد المحلي، شريطة أن تكون مدروسة ومجدولة زمنياً لتجنب الإضرار بمصالح المواطنين. واعتبروا أن رفع الرسوم الجمركية بشكل مفاجئ ودون تخطيط مسبق أدى إلى حالة من الفوضى في السوق. وأضافوا أن القرار أضرّ بالتجار الذين يبيعون الشحنات بناءً على أسعار مثبتة مسبقاً، ما تسبب بخسائر مادية وأضرّ بثقتهم مع التجار الآخرين.
مقارنة غير عادلة بين المناطق
انتقد التاجر فهد كسيبة سياسة توحيد الضرائب بين مناطق النظام والمناطق المحررة، مشيراً إلى أن التجارة في الشمال السوري كانت تجربة ناجحة وأثبتت جدارتها في السنوات الماضية. وأضاف أنه من غير المنطقي تطبيق سياسات تزيد من الضغوط على هذه المناطق، التي تعاني أصلاً من غياب الدعم الحكومي الكافي.
تحديات الاقتصاد في الشمال السوري
تأتي هذه القرارات في وقت يعاني فيه الشمال السوري من أوضاع اقتصادية متدهورة نتيجة النزاع المستمر منذ أكثر من عقد. كانت هذه المناطق تعتمد بشكل رئيسي على التجارة والمعابر الحدودية كمصدر أساسي للدخل، لكنها تواجه تحديات كارتفاع أسعار السلع الأساسية، ضعف القوة الشرائية، وتزايد معدلات البطالة.
هل تُراجع الحكومة قراراتها؟
الإضراب الذي شهدته أعزاز اليوم ليس مجرد احتجاج عابر، بل يعكس حجم الأزمة التي أحدثتها التعرفة الجمركية الجديدة في الأسواق. وبينما ينتظر السكان والتجار خطوات ملموسة من الحكومة لإعادة النظر في هذه القرارات، يظل التساؤل قائماً حول مدى استجابة السلطات لمطالب الشارع، وما إذا كانت ستتخذ تدابير توازن بين مصلحة الدولة والواقع المعيشي الصعب للمواطنين.