نفذ فريق الدفاع المدني السوري جولة ميدانية في المناطق المتضررة بمدينة حلب، بمشاركة وفد من “صندوق تمويل المساعدات من أجل شمال سوريا” (AFNS) ومنظمة “مساعدة سوريا”، بهدف تقييم الوضع الإنساني وتحديد الاحتياجات الملحة للسكان.
وأكد علي المحمد، مدير برنامج تعزيز المرونة المجتمعية، في حديث خاص لمراسلتنا، أن الزيارة سعت إلى التواصل المباشر مع الأهالي ومعاينة حجم الأضرار عن قرب لتطوير حلول واقعية تخفف من معاناة السكان.
وخلال الجولة، برزت مشاهد الدمار الهائل وانعكاساته على حياة المدنيين، حيث تعاني أحياء بأكملها من انهيار شبه تام في البنية التحتية نتيجة سنوات من القصف والغارات الجوية المكثفة واستخدام البراميل المتفجرة.
جرى تسليط الضوء على ضرورة الإسراع في إزالة مخلفات الحرب، وترحيل الأنقاض، وتأهيل المنشآت الحيوية والطرق باعتبارها خطوات أساسية لإحياء المناطق المدمرة وإعادة الخدمات الضرورية للسكان.
قال سمير محمد، أحد سكان ريف حلب، في حديث خاص إلينا: “إن المنطقة، وخاصة الأجزاء المدمرة منها، بحاجة ماسة إلى إعادة إعمار شاملة وتأهيل البنية التحتية، خاصة الطرقات الرئيسية والمرافق العامة”. كما أشار إلى ضرورة إزالة الأنقاض وترحيل مخلفات الحرب من الشوارع، التي تشكل عائقاً كبيراً أمام الحياة اليومية للسكان.
وأضاف سمير: “الكهرباء والمياه لا تصل إلى معظم الأحياء، مما يزيد من معاناة الأهالي بشكل كبير. وهناك أيضاً حاجة ملحة لخدمات طبية عاجلة في ظل نقص المستشفيات والأدوية، وهو ما يشكل تهديداً لصحة السكان”.
أما أميرة الناصر، إحدى سكان مدينة حلب، فقد أوضحت قائلة: “فيما يخص المناطق المأهولة بالسكان، يجب ضبط الأسعار ومراقبة السوق بشكل أكثر دقة، كما أن ارتفاع الإيجارات بشكل غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة جعل من الصعب العثور على منزل للإيجار، وهو ما يزيد من معاناة العائلات في المنطقة”.
وشهدت مدينة حلب سنوات من القصف الوحشي الذي نفذته قوات نظام الأسد المخلوع، مستهدفة الأحياء السكنية بشكل ممنهج عبر الغارات الجوية والبراميل المتفجرة، مما أسفر عن مقتل وتشريد آلاف المدنيين وتدمير أجزاء واسعة من المدينة. وبعد سيطرة النظام على بعض المناطق، انتهج سياسة الإهمال المتعمد، حيث حرمها من الخدمات الأساسية كنوع من العقاب الجماعي.
وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع وقوع زلزال 6 شباط 2023، في ظل تقاعس النظام عن تقديم أي استجابة فعلية لإصلاح الأضرار أو دعم المجتمع المحلي، تاركاً السكان في مواجهة أزمات متراكمة بلا حلول تُذكر.
تعكس الجولة الميدانية الجهود المبذولة لدعم السكان المتضررين في مدينة حلب، لكنها تؤكد في الوقت ذاته حجم التحديات الهائلة التي تواجه إعادة إعمار المناطق المدمرة. ويبقى تضافر الجهود المحلية والدولية ضرورياً لتجاوز تبعات الحرب والكوارث، ولتأمين مستقبل أكثر استقراراً لسكان المدينة الذين يعانون من أزمات متفاقمة منذ أكثر من عقد.