12 عاماً على ذكرى قصف جامعة حلب.. جريمة دون حساب

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تصادف اليوم الأربعاء الذكرى السنوية الثانية عشرة لمجزرة كلية الهندسة المعمارية في جامعة حلب، التي ارتُكبت على يد قوات نظام الأسد السابق في 15 كانون الثاني/يناير 2013.

وتُعد هذه المجزرة التي راح ضحيتها عشرات الطلاب والنازحين، واحدة من أبرز الأحداث الدامية في مسار الثورة السورية، والتي لا تزال جراحها مفتوحة في ذاكرة السوريين.

جامعة حلب رمز الثورة والحراك السلمي

وتُعرف جامعة حلب، التي تأسست عام 1960 كأول جامعة في شمال سوريا وثاني جامعة في البلاد، بأنها واحدة من أبرز المؤسسات الأكاديمية في سوريا.

وتضم الجامعة 27 كلية و12 معهداً، بالإضافة إلى مستشفى جامعي، وتستقبل طلاباً من مختلف المحافظات السورية، مما يجعلها صورة مصغرة عن المجتمع السوري بكل تنوعه.

ومع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تحولت جامعة حلب إلى مركز مهم للحراك الطلابي السلمي ضد نظام الأسد السابق.

وأطلق عليها المعارضون السوريون اسم “جامعة الثورة”، نظراً لدورها البارز في التعبير عن مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة.

وعلى الرغم من سيطرة قوات النظام السابق على المدينة، استمر الطلاب في تنظيم فعاليات واحتجاجات سلمية داخل الحرم الجامعي، مما جعلها هدفاً لقمع النظام السابق.

تفاصيل المجزرة

في 15 كانون الثاني/يناير 2013، شهدت مدينة حلب واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبتها قوات النظام السابق خلال الصراع الدائر في سوريا، حيث استهدفت طائرات النظام السابق الحربية كلية الهندسة المعمارية في جامعة حلب بغارتين جويتين، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بين الطلاب والنازحين الذين كانوا يتواجدون في مبنى السكن الجامعي القريب.

وأسفر القصف، حسب مصادر متطابقة، عن مقتل 87 شخصاً على الأقل، إضافة إلى أكثر من 160 جريحاً بينهم طلاب ونازحون من مناطق حلب الشرقية التي كانت تشهد معارك عنيفة بين قوات النظام السابق وفصائل المعارضة العسكرية.

كما أدى القصف إلى تدمير أجزاء كبيرة من الحرم الجامعي، وإلحاق أضرار جسيمة بمبنى السكن الجامعي، الذي كان مكتظاً بالنازحين الفارين من القتال.

وقال محمد السكري الباحث في مركز حرمون للدراسات لمنصة SY24: “تمثل مجزرة كلية العمارة في جامعة حلب، إحدى أبشع المجازر التي ارتكبها نظام الأسد في جامعة حلب التي أطلق عليها خلال مرحلة الانتفاضة ضد النظام، جامعة الثورة، حيث أقدم النظام على قصف الجامعة بالطائرات كجزء أساسي من العقاب والانتقام من الجامعة وطلبتها، ورغم محاولة النظام تزييف الحقيقة إلا أن مشاهدات الطلبة للطائرات السورية وهي تقصف الجامعة كانت مباشرة ومن الحدث نفسه”.

وأضاف: “لطالما استخدم الأسد خلال الثورة السورية فلسفة العقاب الجماعي للانتقام من حالة الانتفاضة ضده، وكانت بالنسبة له الجامعات وجامعة حلب تشكل تهديداً على نظامه، كونها تنافي ادعاء حماية الجماعات والمرافق التعليمية، ومن هنا أتى فعل القصف لإعادة الجامعة إلى مربع السلطة ومنع أي شكل من التمرد ضده”.

شهادات الناجين

وروى طالب في جامعة حلب يدعى حسام الحلبي، وكان شاهد عيان على المجزرة، تفاصيل مروعة عن لحظات القصف، حسب ما نقلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وقال الحلبي: “عند معهد التمريض، كان هناك كثافة طلابية كبيرة حيث كان وقت تبديل بين امتحانات الطلاب، وفجأة شهدنا تحليقاً للطيران الحربي، وقامت الطائرات وبدون أي سابق إنذار بقصفنا بصاروخ، وألقوا معه بالونات حرارية، ولم تمضِ سوى لحظات حتى قصفنا بصاروخ ثانٍ، ما أدى إلى تكسر الزجاج وإغلاق أبواب سور الجامعة، وتبع ذلك إطلاق رصاص كثيف لم يُعرف مصدره، ولم نستطع الخروج إلا بعد قليل حيث كان الوضع كارثياً، وكان هناك عدد كبير من الجثث المتفحة، والأشلاء، كما أن سور الجامعة قد تضرر ولحق الضرر الكبير بواحد من مباني سكن الطلاب، إضافة إلى واحترق عدد كبير من السيارات”.

مزاعم النظام السابق والردود

وفي محاولة للتنصل من المسؤولية، ادّعت وسائل إعلام النظام السوري أن “مجموعات إرهابية مسلحة” هي التي استهدفت الجامعة بقذيفتين صاروخيتين من منطقة بني زيد، لكنّ هذه المزاعم لم تلقَ أي مصداقية من قبل المنظمات الحقوقية الدولية أو الناشطين السوريين، الذين أكدوا أن القصف كان من عمل الطيران الحربي التابع للنظام السابق.

تداعيات المجزرة

وكانت مجزرة جامعة حلب بمثابة صدمة كبيرة لسكان المدينة، الذين اعتبروها هجوماً متعمداً على الحراك الطلابي السلمي، كما أنها كشفت عن استعداد النظام السابق لاستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، بما في ذلك الطلاب والمؤسسات التعليمية التي يفترض أن تكون أماكن آمنة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور زكريا ملاحفجي لمنصة SY24: “منذ اندلاع الثورة عام 2011، واجهت حلب قصفًا ممنهجًا بالطائرات والمدفعية، ولا ننسى مجزرة النهار واستهداف كلية العمارة وصواريخ بالستية في تم ضربها على الأحياء الفقيرة مما أدى إلى تدمير واسع النطاق للأحياء السكنية والأسواق التاريخية والمستشفيات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني”.

وأضاف: “تعرضت المدينة لحصار خانق خلال عام 2016، حيث مُنع دخول الغذاء والدواء، مما أدى إلى معاناة إنسانية كبيرة، ما جعل المدنيين يعيشون تحت وطأة الخوف والرعب”.

وتابع: “إجرام النظام في حلب لم يكن مجرد عمليات عسكرية، بل سياسة منهجية لإبادة المدينة وسكانها وتغيير ديمغرافي متعمد. لكن حلب تعيش اليوم صفحة جديدة من التحرير وتحتاج إعادة الإعمار وتأمين سبل الحياة الرئيسية من الكهرباء والماء وإعادة صيانة البنى التحتية”.

إحياء الذكرى

وفي الذكرى السنوية الثانية عشرة للمجزرة، يتذكر السوريون ضحايا جامعة حلب، ويجددون مطالبهم بالعدالة والمساءلة. حيث تُنظم فعاليات إحياء الذكرى في خارج سوريا وداخلها. بينما تستمر المنظمات الحقوقية في توثيق جرائم النظام السابق. آملاً في أن يأتي اليوم الذي تُحاسب فيه كل الأطراف المسؤولة عن ارتكاب هذه الجرائم.

مقالات ذات صلة