كشفت وثيقة داخلية غير رسمية أن الاتحاد الأوروبي يعمل على وضع الأسس الأولية لرفع شامل للعقوبات المفروضة على سوريا في قطاعات رئيسية، مثل النقل، وتصدير النفط والغاز، والأنشطة المالية والمصرفية.
عقوبات لا تستثني الأسد
أكدت الوثيقة، التي حصلت عليها شبكة “يورونيوز”، أن العقوبات ستظل مفروضة على نظام الأسد السابق وحلفائه، دون أي تغيير في هذا الشأن.
وأوضحت الوثيقة، المستخدمة في المفاوضات المغلقة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن أي قرار برفع تصنيف الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة كجماعات إرهابية، مثل هيئة تحرير الشام، يجب أن يتم أولاً على مستوى مجلس الأمن الدولي قبل تنفيذه من قبل الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن تُناقش هذه الوثيقة، التي أعدها مجلس الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع وزراء خارجية التكتل المزمع عقده في 27 كانون الثاني/يناير الجاري. وأكدت الوثيقة استمرار العقوبات المفروضة على الأسد وحلفائه، رغم رفع القيود المقترحة في القطاعات الأخرى.
رفع العقوبات ضروري لدعم استقرار سوريا
في تعليق على الموضوع، قال الخبير القانوني في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، لمنصة SY24:
“إن رفع العقوبات عن سوريا أصبح ضرورة ملحة لسببين: الأول زوال السبب الرئيسي لفرضها، وهو الضغط على نظام الأسد المخلوع، والثاني دعم استقرار سوريا.”
وأضاف:
“استمرار العقوبات يفاقم معاناة المدنيين ويعيق إعادة الإعمار، مما يعطل عودة الاستقرار.”
وأشار إلى أن رفع العقوبات يدعم استقرار سوريا عبر إنعاش الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية، مما يقلل من التوترات الاجتماعية والسياسية، ويُعزز جهود المصالحة الوطنية، بالإضافة إلى تسهيل عودة اللاجئين والمهجّرين ودعم التنمية والبنية التحتية.
القنوات المالية والبنية التحتية محور الاهتمام
تشمل المقترحات المطروحة رفع القيود عن شركات الطيران، بما في ذلك الخطوط الجوية السورية، لتسهيل الرحلات المدنية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا. كما تتضمن إلغاء الحظر المفروض على تصدير تكنولوجيا النفط والغاز، ورفع القيود على المشاركة في مشاريع البنية التحتية وتمويلها.
وأشارت الوثيقة إلى إعادة فتح القنوات المالية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، بما في ذلك استئناف العلاقات المصرفية بين البنوك السورية والأوروبية، ورفع القيود عن الأصول التجارية عالية القيمة مثل المركبات، لتمكين السوريين من إعادة بناء أعمالهم.
سقوط نظام الأسد السابق يدفع لتغيير النهج الأوروبي
في هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي، فراس السقال، لمنصة SY24:
“رفع العقوبات عن سوريا من قبل الاتحاد الأوروبي موضوع حساس ومهم وعاجل، وله أبعاد سياسية، اقتصادية، وإنسانية.”
وأوضح أن القرار يحمل إيجابيات عديدة، منها تحسين الوضع الإنساني من خلال تخفيف الأزمة الاقتصادية، وإحياء الاقتصاد السوري المتضرر، والسماح بعودة القطاعات الحيوية، مثل النقل وتصدير النفط والغاز، مما يؤدي إلى تحسين الظروف الاجتماعية.
وأضاف أن رفع العقوبات قد يسهم في استعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، وتعزيز الاستقرار الإقليمي لسوريا، بعد أن فقدته في عهد نظام الأسد السابق.
وختم بقوله:
“نرجو من جميع الدول الإقليمية والدولية دعم هذا القرار لتخفيف معاناة الشعب السوري وإخراجه من عزلته ومحنته، بعد سنوات طويلة من المعاناة.”
تطورات جديدة
يأتي هذا التوجه بعد سقوط نظام الأسد السابق في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى تغيير استراتيجيتها الجيوسياسية تجاه سوريا.
وأشار مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى الآثار السلبية للعقوبات المفروضة على سوريا، مؤكدًا أهمية رفعها لتخفيف معاناة السوريين، مع ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم ضد حقوق الإنسان لضمان تحقيق العدالة.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إصدار مذكرة استثناءات جديدة لمدة ستة أشهر، تشمل السماح بالتعامل مع بعض المؤسسات الحكومية السورية، ورفع سقف الحوالات المالية عبر البنك المركزي. ومع ذلك، أكدت أن الإعفاءات لا تشمل تطوير آبار النفط أو إنشاء محطات طاقة.