بعد كلام الشيباني.. ديون سوريا إقرار أم تشخيص للواقع؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

أشعل تصريح وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، حول الديون التي تُقدر بـ30 مليار دولار مستحقة لإيران وروسيا، جدلاً واسعاً حول مدى شرعية هذه الديون وتبعاتها على الشعب السوري.

وجاء تصريح الشيباني خلال حديثه، اليوم الأربعاء، لصحيفة “فايننشال تايمز”، حيث أشار إلى أن التكنوقراط وموظفي الدولة السابقين من عهد الأسد كشفوا عن أضرار جسيمة ألحقها النظام السابق بالاقتصاد السوري، بما في ذلك ديون ضخمة لحلفاء النظام السابق بقيمة 30 مليار دولار واحتياطات أجنبية مفقودة وقطاع عام متضخم وتراجع في الصناعات الحيوية مثل الزراعة والتصنيع.

إقرار أم تشخيص للواقع؟

وأثار تصريح الشيباني تساؤلات حول ما إذا كان هذا الإعلان بمثابة اعتراف صريح بشرعية هذه الديون، أم أنه مجرد تشخيص للواقع الاقتصادي المتردي الذي خلفه نظام الأسد السابق؟

وحول ذلك، قال الخبير الاقتصادي محمد غزال لمنصة SY24، إنه كان من المفترض على وزارة الخارجية أن تبيّن ماهية هذا التصريح، بأنه ليس إقرارًا بل تشخيصًا للواقع ولما يطالب به السوريون من إيران وروسيا بعد سرقتهما لموارد وثروات وحقوق الشعب السوري.

وأضاف أن الموضوع ربما يكون توضيحًا للمجتمع الدولي أكثر منه إقرارًا، مشيرا إلى أن الاعتراف بالديون يقع على عاتق الحكومة التي استدانت هذه الديون، والتي لم تكن ترضى بنقل السلطة ولا حتى بالقرارات الدولية.

ورأى أن الحكومة الجديدة غير ملزمة بهذه الديون، كون شرعيتها سقطت بسقوط نظام الأسد السابق، مبيناً أن الرقم المذكور (30 مليار دولار) هو أضعاف مضاعفة من موازنة سوريا كمتوسط سنوي في السنوات الأخيرة، متسائلاً: أين ذهب هذا الإنفاق؟ هل ذهب لدعم الموازنة؟ علماً أن الأرقام المتعلقة بالموازنة لم تتجاوز 2.5 مليار دولار في الفترة الأخيرة، حسب تعبيره.

رد على التصريحات الإيرانية بطلب الديون

من جانبه، قال الباحث في شركة كرم الشعار الاستشارية، محمد عرواني لمنصة SY24: “بحسب اطلاعي، إيران هي من صرّحت بأن سوريا مدينة لها بهذا المبلغ، ويبدو أن تصريح الوزير السوري جاء ردًا على التصريحات الإيرانية”.

وأضاف: “قد يكون تصريح الوزير في سياق طلب المساعدة من المجتمع الدولي لدعم الاقتصاد السوري في المرحلة القادمة، لكن وبشكل عام من الممكن جدًا التشكيك في قانونية أي اتفاق سابق بين النظام البائد والسلطات الإيرانية، وذلك بسبب الدور السلبي الذي كانت تمارسه إيران في سوريا، ولأن النظام البائد كان معتادًا على سرقة مقدرات البلاد وإجراء اتفاقيات تهدف إلى إثراء المقربين من النظام وليس إلى تحسين حياة السوريين”.

الموقف الإيراني.. مطالبات بالديون وتناقضات

ومنتصف كانون الأول/ديسمبر 2024، أكدت طهران أن الديون المستحقة على نظام الأسد السابق ستتحملها الحكومة القادمة في سوريا، معتبرة أن معاهداتها واتفاقياتها ما تزال قائمة.

كما أفاد حشمت الله فلاحت بشه، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني السابق، بأن الديون المستحقة لإيران على سوريا تتراوح بين 20 و30 مليار دولار، مؤكداً ضرورة تحصيلها وفقاً للقانون الدولي.

لكن هذه المطالبات تتعارض مع وثيقة سرية مسربة من مؤسسة الرئاسة الإيرانية، نشرتها مجموعة “قيام تا سرنكوني”، والتي أظهرت أن إيران أنفقت أكثر من 50 مليار دولار لحماية نظام الأسد السابق في سوريا.

هذا التناقض يثير تساؤلات حول مدى مصداقية المطالبات الإيرانية، وما إذا كانت هذه الديون تمثل استثمارات حقيقية أم مجرد أدوات ضغط سياسي.

التدخل الإيراني والروسي: استثمارات أم مصالح؟

وأكد اللواء يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الأعلى لإيران ورئيس ميليشيا الحرس الثوري الإيراني سابقاً، على أن التدخل الإيراني في سوريا لم يكن مجانياً، وأن إيران وقعت العديد من العقود في سوريا.

كما أشار إلى أن روسيا تستفيد أكثر من إيران جراء تدخلها في سوريا ودعمها للنظام السابق.

ويكشف هذا التصريح عن طبيعة المصالح الاقتصادية التي تحرك كل من إيران وروسيا في سوريا، فبينما تعتقد كل منهما أنها استثمرت كثيراً من الأموال والإمكانات في سوريا، إلا أن هناك تنافساً شديداً بينهما على الموارد السورية، بما في ذلك مينائي اللاذقية وطرطوس وفوسفات البادية وقطاعات الطاقة والزراعة والسياحة.

الوضع الاقتصادي.. فقر الشعب وثراء النظام

وفي خضم هذه الجدالات حول الديون، لا يمكن إغفال الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الشعب السوري، فبينما كان نظام الأسد السابق ينهب ثروات البلاد، كان 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر وسط انهيار اقتصادي غير مسبوق.

ويضع هذا التناقض الصارخ بين ثراء النظام السابق وفقر الشعب علامات استفهام كبيرة حول مصير الأموال التي تم إنفاقها، وما إذا كانت قد استخدمت لتحسين حياة السوريين أم لتعزيز مصالح النظام وحلفائه.

عبء جديد على كاهل الشعب السوري

ويفتح تصريح وزير الخارجية السوري حول الديون المستحقة لإيران وروسيا، الباب أمام نقاشات واسعة حول شرعية هذه الديون وتبعاتها على الشعب السوري، في حين أن الحكومة الجديدة قد لا تكون ملزمة بسداد هذه الديون من الناحية القانونية، إلا أن الضغوط السياسية والاقتصادية من قبل إيران وروسيا قد تجعل من هذه القضية تحدياً كبيراً للسلطات السورية الجديدة.

ووسط كل ذلك، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتحول هذه الديون إلى عبء جديد على كاهل الشعب السوري الذي عانى طويلاً من ويلات الصراع والسياسات الفاسدة؟ أم أن المجتمع الدولي سيتدخل لدعم الاقتصاد السوري وتخفيف هذا العبء؟

مقالات ذات صلة