الشمال السوري: غلاء المعيشة وتكاليف النقل تعيق عودة المهجرين

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

يعاني المهجرون من إدلب وريف حلب، الذين يتطلعون إلى العودة إلى مناطقهم الأصلية من جميع المحافظات بعد سنوات من النزوح القسري، من عائق كبير يتمثل في التكاليف المرتفعة لنقل الأثاث والمقتنيات المنزلية، فبينما يشكل حلم العودة إلى الديار بسلام هدفًا لهم، تقف الأعباء المالية حجر عثرة أمام عودتهم.

تبلغ أجرة نقل سيارة كبيرة من إدلب إلى دمشق وريفها حوالي 250 دولارًا، فيما تصل أجرة السيارة الأكبر إلى نحو 350 دولاراً، وقد تختلف باختلاف المسافة والمنطقة، هذه التكاليف المرتفعة تجبر كثيرًا من العائلات على التخلي عن ممتلكاتها التي جمعوها بشق الأنفس خلال سنوات النزوح في الشمال السوري، الأمر الذي دفع عددًا من العائدين إلى بيع أثاثهم وأغراضهم بنصف قيمتها أو حتى أقل لتوفير تكاليف النقل.

عبد الغني بيطار، مهجر من بلدات القلمون في ريف دمشق، يقول في حديثه إلينا: “اضطررت لبيع معظم أغراضي المنزلية، من مد وأدوات كهربائية وألواح طاقة، بنصف قيمتها كي أتمكن من تأمين تكاليف العودة إلى بلدتي والاستقرار مجددًا”، ويضيف أنه كان يأمل أن يعود بأثاثه الذي يمثل جزءًا من تعب سنواته، لكنه لم يجد خيارًا آخر في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

التحديات لا تقتصر فقط على التكاليف المالية، بل تشمل أيضًا ظروف العودة. فالكثير من العائلات أجلت قرار العودة إلى الصيف المقبل، على أمل انتهاء العام الدراسي وفصل الشتاء، وأيضًا بانتظار مبادرات منظمات إنسانية لتغطية تكاليف العودة أو تقديم مساعدات لهم.

قصص فردية تعكس المعاناة الجماعية

تحكي أم عمار، وهي سيدة أربعينية من أهالي مدينة التل بريف دمشق، مقيمة حاليًا في تجمع سكني بمدينة عفرين شمال سوريا، عن معاناتها قائلة: “لا أملك أي قطعة أثاث في منزلي بالتل، وأجد نفسي عاجزة عن نقل أغراضي من هنا، التكاليف باهظة وهذا يجعل العودة مستحيلة حاليًا”. تشير أم عمار إلى أن غياب أي دعم من الجهات المعنية زاد من صعوبة موقفها، فهي تعيش في حالة من الترقب والانتظار دون أي حلول تلوح في الأفق.

تأثيرات إنسانية ومناشدات للدعم

ارتفاع تكاليف النقل لا يضر فقط المهجرين اقتصاديًا، بل يترك أثرًا نفسيًا واجتماعيًا عميقًا، فالعائلات تجد نفسها أمام خيارين أحلاهما مر: إما التخلي عن ممتلكاتهم التي تعني لهم الكثير، أو تأجيل العودة إلى أجل غير مسمى، وفي ظل غياب دور فاعل للمنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي لدعم هؤلاء المهجرين، تزداد معاناتهم يومًا بعد يوم.

وفي وقت سابق أطلقت عدة منظمات في مناطق شمالي غربي سوريا مبادرات مجتمعية لنقل المهجرين ولكن دون نقل الأثاث والأغراض منها بينها منظمة “إحياء الأمل” ونقلت 100 شخص من كبار السن المهجرين من دمشق وريفها والمقيمين في مدينة أعزاز بريف حلب، جاءت المبادرة كخطوة لمواجهة تحديات العودة إلى المنازل بعد سنوات طويلة من الغربة، والتي تتضمن ارتفاع تكاليف السفر وصعوبة النقل.

وكانت منصة سوريا 24 قد تواصلت مع أكرم غنيمي، منسق المشروع في منظمة “إحياء الأمل”، الذي أوضح أن الهدف الأساسي من النشاط هو لم شمل العوائل المهجرة من دمشق وريفها، لا سيما كبار السن الذين يعجزون عن تأمين تكاليف العودة، غير أن الوضع الحالي حسب قول عدد من الأهالي تحدثنا إليهم يتطلب تحرك المنظمات الإنسانية والإغاثية لتوفير دعم مباشر لهم، سواء من خلال تحمل تكاليف النقل أو تقديم مساعدات عينية تسهل عملية العودة، كما يناشد المهجرون السلطات المحلية والمنظمات الدولية بوضع خطط مستدامة لدعمهم، بما يعيد لهم الأمل في الاستقرار والعيش بكرامة في مناطقهم الأصلية.

مقالات ذات صلة