وصل أهالي مخيم الركبان، أحد مخيمات اللاجئين السوريين الواقعة على الحدود السورية الأردنية، إلى مدينة تدمر بسلام بعد عملية إخلاء ناجحة لهم من المخيم، مع بقاء بعض العائلات هناك.
وجاء ذلك في إطار الجهود الإنسانية التي تقودها عدة جهات محلية ولجان خدمية تطوعية، من بينها تنسيقية تدمر واللجنة المدنية بالتعاون مع المتبرعين وأصحاب السيارات والآليات، حيث تم تنظيم “قافلة المحبة الخامسة” لنقل العائلات من المخيم إلى المدينة.
وأقيم مخيم الركبان، الذي يقع في منطقة نائية وقاحلة، خلال الثورة السورية ليستقبل آلاف النازحين الذين فروا من ويلات الحرب، ومع مرور السنوات، أصبح المخيم يعاني من ظروف معيشية صعبة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وعدم توفر المأوى المناسب للعائلات، حيث يعيش الكثيرون في خيام أو شوادر لا تقيهم برد الشتاء القارس.
وكانت منصة سوريا ٢٤ سلطت الضوء في تقرير سابق على المعاناة اليومية التي يواجهها سكان المخيم الذين يعيشون في ظروف إنسانية مأساوية للغاية، حيث يفتقر المخيم إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة.
وقال عبد الله العبد الكريم، المسؤول الإعلامي بالإدارة المدنية بمدينة القريتين لمنصة سوريا ٢٤: “لا يزال يضم المخيم بعض العوائل التي ينحدر أفرادها من المنطقة الشرقية (تدمر – القريتين – مهين) و خاصة من العوائل التي يعمل بعض أفراد عائلتهم ضمن جيش سورية الحرة الذي ينشط في منطقة التنف”.
وأضاف: “بالنسبة للعوائل التي انتقلت لتدمر والقريتين ومهين و باقي المدن والبلدات، تم إعادة النازحين إلى منازلهم بتلك المدن، وتضمنت الحملة تحمل تكاليف نقلهم من مخيم الركبان إلى منازلهم بتدمر والقريتين وباقي المدن والبلدات، حيث ستكون عودتهم إلى منازلهم أو منازل أقربائهم”.
وبالنسبة لتأمين احتياجاتهم، أوضح العبد الكريم أنه: “ظهرت مؤخراً عدد من اللجان المدنية ضمت كل من (لجنة تدمر المدنية، لجنة القريتين المدنية) إلى جانب حركات تعنى بالجانب المدني أبرزها فريق شباب بالميرا التطوعي في تدمر وحركة ثوار القريتين في مدينة القريتين، والتي تعنى بالجانب المدني بتلك المدن والبلدات”.
ووفقاً لبيان نشرته تنسيقية تدمر، شملت القافلة الخامسة 7 سيارات شحن وحافلة واحدة، نقلت عشرات العائلات بما فيهم مسنون وأطفال، بالإضافة إلى مدرسة كاملة مع طاقمها وتجهيزاتها.
وقد واجهت القافلة صعوبات لوجستية خلال رحلتها من تدمر ودمشق إلى المخيم، إلا أن الجهود المشتركة تمكنت من إتمام المهمة بنجاح.
من جانبه، قال محمد درباس الخالدي، أحد الذين خرجوا من المخيم قبل أيام لمنصة سوريا ٢٤: “إن العائلة التي وجدت لها مأوى صالح للسكن توجهت إليه في مدينة تدمر ومن لم تجد ذلك اضطرت للتوجه إلى مناطق أخرى”، مشيرا إلى أنه اضطر للتوجه إلى مدينة حماة للسكن نظرا لضيق الأحوال المادية التي يعاني منها.
ولفت إلى أن كثيرا من العائلات تواجه صعوبات كبيرة في تأمين المأوى الصالح للسكن، مشيرا إلى بعض المبادرات التطوعية لتأمين عدد من العائلات في منازل صالحة للسكن في تدمر، حسب تعبيره.
وأعربت تنسيقية تدمر عن شكرها للجنة تدمر المدنية على جهودها الجبارة في تنظيم القوافل الخمسة التي نقلت أهالي المخيم، كما وجهت الشكر للمتبرعين الذين ساهموا في تغطية تكاليف النقل، وأصحاب السيارات والآليات الذين ساعدوا في إنقاذ العائلات من ظروف النزوح القاسية.
وكانت تنسيقية تدمر قد ناشدت قبل أيام بضرورة تسريع عملية نقل ما تبقى من أهالي تدمر في مخيم الركبان، والذين يقدر عددهم بحوالي 60 عائلة، مشيرة إلى أن الظروف المعيشية في المخيم تزداد صعوبة مع انخفاض درجات الحرارة، حيث يعاني الأطفال والمرضى من عدم توفر المأوى المناسب.
كما نبّهت إلى أن تأخر نقل القافلة الأخيرة كان بسبب ظروف قاهرة تتعلق بتوفر السيارات والسائقين.
وختمت التنسيقية بيانها بالتأكيد على أن أهالي تدمر في سوريا والمهجر لن يتقاعسوا عن مساعدة إخوانهم في المخيم، داعية الجميع إلى بذل المزيد من الجهود لتأمين وسائل النقل اللازمة لإكمال عملية النقل في أقرب وقت ممكن.
وتعكس هذه العملية الإنسانية التضامن المجتمعي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون، وتؤكد على أهمية الجهود المشتركة لتخفيف معاناة النازحين وإعادتهم إلى مناطق أكثر أماناً واستقراراً.
وقال خالد بهاء الدين، مدير تنسيقية تدمر لمنصة سوريا ٢٤: “العائلات التي وصلت إلى مدينة تدمر تقدر بالمئات، حيث استقرت إما في منازلها إذا كانت صالحة للسكن أو عند أقاربهم”، مبينا أن: “هناك بعض الجمعيات الإغاثية التي توزع السلل الغذائية، وهناك مساعدات من أهل المدينة ومن المغتربين”.
وقبل أسبوعين، بدأ أهالي مخيم الركبان الواقع في البادية السورية العودة إلى منازلهم بعد سنوات من النزوح، حيث شرعت كل عائلة في البحث عن مأوى جديد، خاصة أولئك الذين دُمرت منازلهم بالكامل، لا سيما في مدينة حمص.
يُشار إلى أنه في أيلول/سبتمبر 2024، سلّطت منظمة العفو الدولية الضوء على الوضع الإنساني المتردي في مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية مع الأردن والعراق.
ودعت المنظمة في تقرير صادر عنها الولايات المتحدة إلى التدخل العاجل لتقديم المساعدات الإنسانية لما لا يقل عن 8000 نازح سوري عالقين في ظروف وصفتها بـ”المروعة”.