الليرة السورية مقابل الدولار: تحسن مؤقت أم استقرار حقيقي؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

في ظل التقلبات المستمرة لسعر صرف الليرة السورية، يشير محللون اقتصاديون في حديثهم لمنصة سوريا 24 إلى أن التحسن المؤقت الذي تشهده العملة الوطنية لا يعدو كونه انعكاساً لعوامل سياسية في ظل غياب محفزات اقتصادية حقيقية.

وبينما يسعى البنك المركزي لتحقيق استقرار مستدام عبر تقليص الكتلة النقدية وضبط السيولة، يحذر الخبراء من استمرار الأزمات الاقتصادية في ظل غياب دوران عجلة الإنتاج وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق.

وشهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً أمام الدولار خلال الأيام الأخيرة، حيث بلغ سعر الصرف 7600 ليرة لكل دولار في السوق الموازية، وهو أفضل مستوى تسجله العملة الوطنية منذ عام 2023، حيث يأتي هذا التحسن وسط توقعات متزايدة باستقرار اقتصادي محتمل بعد سلسلة من الأحداث السياسية والاقتصادية التي أثرت على السوق السوري.

في المقابل، حافظ مصرف سوريا المركزي على سعر صرف رسمي للدولار عند 13 ألف ليرة سورية للشراء و13 ألفاً و130 ليرة للبيع، مما يشير إلى استمرار وجود فجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسعر المتداول في السوق السوداء.

ومن أحد العوامل التي ساهمت في تحسين قيمة الليرة هو نقص السيولة بالعملة السورية في السوق، بينما كان الدولار متوفراً بشكل أكبر، ما دفع البعض إلى الاحتفاظ بالليرة كوسيلة للادخار، مما زاد من قيمتها.

وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور فراس شعبو لمنصة سوريا 24: إن “تحسن سعر صرف الليرة غير منطقي وغير مستدام لأنه لا يرافقه أي نشاط إنتاجي أو تشغيلي، كما أن الأسعار لم تنخفض”.

وأضاف أن “زيادة الطلب على الليرة في بعض المناطق لم تعالج أزمة ضعف السيولة وشلل الاقتصاد بسبب توقف الإنفاق الحكومي، كما أن القوة الشرائية للمواطنين تتدهور مع ارتفاع تكاليف المعيشة والإنتاج بشكل كبير”.

وتابع أن: “الحلول المقترحة تشمل ضخ سيولة تدريجياً وجذب مساعدات خارجية، لكن غياب الإجراءات الفعالة قد يؤدي إلى انهيار أكبر في الاقتصاد”.

ورغم هذا التحسن الملحوظ، يحذر الخبراء الاقتصاديون من أن استمرار تعافي الليرة يعتمد بشكل كبير على تحقيق التوقعات المتعلقة بالدعم المالي والاستثمارات الأجنبية.

وإذا لم يتم تنفيذ الوعود المالية أو لم تتحقق الاستثمارات المرتقبة، فقد يعاود الدولار الارتفاع بنسب تفوق نسبة الانخفاض الحالية، إضافة إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بما في ذلك تراجع الإنتاج وارتفاع معدلات البطالة، لا تزال تمثل تحديات كبيرة قد تؤثر سلبًا على استقرار سعر الصرف.

وقال المحلل الاقتصادي، محمد غزال لمنصة سوريا 24: إن “تحسن سعر صرف الليرة السورية إيجابي لكنه قد يكون غير مستدام إذا اعتمد فقط على عوامل سياسية مؤقتة دون محفزات اقتصادية حقيقية”.

وأضاف أن “البنك المركزي حافظ على سعر الصرف عند 13 ألف ليرة للدولار لتحقيق استقرار طويل الأمد، خاصة بعد تجربة سابقة أظهرت أن التحسن المؤقت لا يستمر، في حين أن الأسعار ما زالت مرتفعة رغم تحسن سعر الصرف، وذلك بسبب ضعف الكتلة النقدية وقلة السيولة في السوق، مما يتطلب وقتاً لظهور آثار إيجابية على السلع”.

وأشار إلى أن “السوق يشهد تقشفاً في السيولة ضمن استراتيجية من البنك المركزي، لكن التحديات الاقتصادية مستمرة، مما يجعل تحقيق الاستقرار عملية تتطلب الصبر والمتابعة الدقيقة”.

ورغم استمرار حالة الركود الاقتصادي وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، فإن ذلك الانخفاض يبقى محاطًا بتحديات مالية وتجارية تؤثر على الاستقرار الاقتصادي، فعلى صعيد التعاملات المالية، لا تزال المصارف تفرض قيودًا مشددة على السحب النقدي، مما يعزز من حالة “حبس السيولة” في السوق.

وفي الوقت نفسه، تتزايد حالات رفض الدفع الإلكتروني في العديد من المراكز التجارية والخدمية، ما يزيد من تعقيد المعاملات اليومية للمواطنين.

أما على مستوى الأسواق، فتسود حالة من الركود الحاد نتيجة ضعف القوة الشرائية وتراجع الإقبال على الشراء، إذ يأتي هذا الركود كأحد أبرز التحديات التي تواجه التجار والشركات، حيث تختلف نسبة التخفيضات على السلع بناءً على أسعار الصرف التي تعتمدها كل شركة أو محل تجاري.

وفي ظل هذه الديناميكية، تواجه بعض المحال التجارية صعوبة في خفض الأسعار بشكل يتناسب مع الانخفاض الأخير في سعر الصرف، وذلك بسبب بيع مخزون تم شراؤه بتكاليف أعلى.

من جهة أخرى، شهدت أسعار المحروقات انخفاضًا ملحوظًا خلال الأيام الأخيرة، حيث بلغ سعر اللتر الواحد نحو 10,200 ليرة في بعض محطات الوقود، ما قد يساهم في تخفيف الأعباء عن المواطنين والتجار، إلا أنه لم ينعكس بعد بشكل واضح على الأسواق أو حركة النشاط الاقتصادي.

ويعكس انخفاض سعر الدولار مؤشرات إيجابية محتملة، لكنه يظل مرتبطًا بجملة من التحديات الاقتصادية، بما في ذلك غياب سياسات واضحة لتحفيز الأسواق وتحسين الوضع المعيشي.

وبينما ينتظر المواطنون والتجار خطوات عملية لتخفيف الأزمات المالية، تبقى الحاجة ملحة لمعالجة جذور المشكلة لتحقيق استقرار مستدام.

مواضيع متعلقة

تخفيض أسعار المحروقات والغاز في سوريا

https://www.facebook.com/syr24iaa/posts/pfbid02HtaGy6PZwaSYDr2rsCW1vLy1tRM1DdMCi85sGQPSqsJwdtM4EbhkmWqy1SiSgd8Dl

مقالات ذات صلة