العراق وسوريا: هل تتوحد الجهود لدحر التنظيم؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

أكد المحلل السياسي علي تمي في حديثه لمنصة “سوريا ٢٤”، أن دمشق تستعد خلال الأشهر المقبلة لتولي الملف الأمني الخاص بتنظيم داعش، مبينًا أنها ستوجه رسالة واضحة للأطراف الغربية بأنها قادرة على مواجهة جميع التنظيمات الخارجة عن القانون سواء في سوريا أو على حدودها.

وفي ظل التحديات الأمنية المستمرة التي تواجه المنطقة، يبرز ملف محاربة تنظيم داعش كأحد أهم القضايا المشتركة بين العراق وسوريا.

وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن بلاده تنتظر “موقفًا صريحًا” من سوريا بشأن التعاون لمواجهة التنظيم، معربًا عن استعداد بغداد لتقديم الدعم اللازم لدمشق في هذا الملف.

السوداني يدعو إلى موقف صريح

وفي مقابلة متلفزة، قال السوداني إن العراق ينسق مع سوريا بشأن تأمين الحدود المشتركة ومنع أي اختراقات أمنية قد يستغلها داعش. كما شدد على أهمية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، معربًا عن رفضه لتحويل سوريا إلى “محطة للصراعات الأجنبية”.

وأوضح السوداني أن العراق يتطلع إلى رؤية موقف سوري واضح وصريح في محاربة التنظيم الإرهابي، وهو ما يعكس رغبة بغداد في تعزيز التعاون الثنائي على الصعيدين الأمني والإنساني.

وحول ذلك، قال تمي: “أعتقد أن بغداد أول من بادرت بإرسال رئيس استخباراتها إلى دمشق للاطلاع والاستماع إلى الطرف السوري، وبالتالي فإن تردد بغداد في التعاطي مع انقلاب الوضع داخل سوريا غير مبرر ونابع من خشية عودة القيادات الحاكمة في سوريا إلى الانتقام منها لأسباب أمنية سابقة. لهذا يجب أن تطمئن بغداد بأن القيادات الحاكمة في دمشق اليوم هي من تقود دولة وليس تنظيمًا عسكريًا أو سياسيًا، وبالتالي لا مخاوف ويجب أن تكون العلاقات جيدة وبناءً على المصالح المشتركة”.

عراقيل تواجه زيارة وزير الخارجية السوري

على الرغم من الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين العراق وسوريا، لا تزال هناك عراقيل تعترض زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى العاصمة العراقية بغداد.

وكشفت مصادر عراقية أن ترتيبات الزيارة “لا تسير بصورة جيدة”، مشيرة إلى وجود خلافات داخل الأوساط السياسية العراقية حول كيفية التعامل مع دمشق.

ووفقًا للمصادر، فإن “الإطار الشيعي”، الذي يُعد أكبر تكتل سياسي في الحكومة العراقية، برر عدم تهنئة بغداد للرئيس السوري أحمد الشرع بوجود “قضايا إرهاب” مرفوعة ضده لدى السلطات الأمنية العراقية.

وأشارت المصادر إلى أن التعامل مع السلطات السورية ما زال يقتصر على الجانب الأمني، دون توسع نحو العلاقات السياسية أو الاقتصادية.

تعزيز القوات على الحدود

وتزامنًا مع هذه التطورات، شهدت الحدود العراقية السورية حركة عسكرية مكثفة، فقد أعلن “الحشد الشعبي”، الجناح العسكري المرتبط بالفصائل الشيعية العراقية، تعزيز قواته على طول الحدود المشتركة مع سوريا.

وفي الوقت نفسه، قامت وزارة الدفاع السورية بنشر قوات كبيرة في محافظة دير الزور القريبة من الحدود العراقية، في خطوة تهدف إلى تأمين المنطقة ومنع أي عمليات تسلل لعناصر “داعش”.

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد العربي لمنصة “سوريا ٢٤”: “إن سقوط النظام السوري كسر ظهر إيران والنظام العراقي، ولذا اعتمد النظام العراقي على استفزاز حكم الثورة الجديد فاستقبل بعض الضباط والجنود الهاربين من النظام المخلوع ثم أعاد بعضهم، كما أنه اشتكى من مهربي المخدرات والأسلحة على اعتبار أنها قادمة من سوريا، وكانت آخر مطالبه من حكم الثورة السورية هو محاربة داعش”.

ورأى العربي أن ذلك “دعم ضمني لقسد وأذرعها، إضافة إلى اعتبار العراق أن هناك فجوة أمنية على الحدود السورية العراقية بسبب عجز حكم الثورة السورية عن سد فراغ انسحاب أمريكا وسقوط قسد، ولكن كل ذلك لن يغير من القادم وهو انسحاب الأمريكيين كما وعد ترامب، وسقوط قسد كما وعدت تركيا وكما تعهد حكم الثورة في سوريا، بينما نظام العراق فإنه سيلتزم بحدوده ولن يتجاوزها، لأنه لن يحارب الدولة السورية وتركيا، خاصة أن روسيا وإيران لم يعودوا يريدون الحضور العسكري في المنطقة”.

مبادرة إقليمية لمحاربة “داعش”

في سياق متصل، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن مبادرة إقليمية تضم تركيا والعراق وسوريا والأردن لتعزيز التعاون في محاربة تنظيم داعش.

وقال فيدان، في تصريح لوكالة “الأناضول”، إن الدول الأربع توصلت إلى اتفاق مبدئي لتعزيز التنسيق بين وزارات الخارجية والدفاع وأجهزة المخابرات.

وستركز هذه المبادرة على تأمين الحدود المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى عقد اجتماع أولي في الأردن لوضع الخطط التنفيذية لهذه الجهود.

وشدد فيدان على أهمية هذه المبادرة الإقليمية، مؤكدًا أن الهدف الرئيسي منها هو إنشاء آلية مشتركة للتعاون في حل المشكلات الإقليمية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب.

وأشار إلى أن هذه الجهود تمثل نموذجًا للتعاون الإقليمي الذي يمكن أن يساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة.

وفي هذا السياق، أوضح المحلل السياسي علي تمي “أنه خلال الأشهر المقبلة ستتسلم دمشق الملف الأمني لتنظيم داعش، وسيكون هناك تنسيق مع بغداد وتوجه الجيش السوري نحو الحدود اللبنانية لإخراج الميليشيات الإيرانية من الحدود، وكل ذلك هدفه توجيه رسائل للغرب وتحديدًا الولايات المتحدة بأننا قادرون على محاربة جميع الجماعات الخارجة عن القانون وملتزمون بالتوجه الدولي في المنطقة”.

مخيم الهول: قضية معقدة

وفيما يتعلق بمصير مخيم الهول الواقع تحت سيطرة قوات “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية)، والذي يضم آلاف العائلات المرتبطة بتنظيم داعش، أشار وزير الخارجية التركي إلى أن الحكومة السورية الجديدة أبدت إرادة واضحة لاستعادة السيطرة على هذا المخيم.

وأكد فيدان أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود دمشق لتعزيز سيادتها الوطنية والتخلص من التحديات الأمنية التي يمثلها المخيم.

التحديات والفرص المستقبلية

وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز التعاون بين العراق وسوريا، لا تزال هناك تحديات كبيرة تعترض هذا المسار، فالخلافات السياسية داخل العراق، خاصة بين التكتلات الشيعية والسنية، قد تعرقل أي خطوات نحو تطبيع العلاقات مع سوريا، كما أن وجود قضايا أمنية معلقة، مثل ملف مخيم الهول، يتطلب تعاونًا دوليًا وإقليميًا أوسع.

ومع ذلك، فإن المبادرة الإقليمية التي تقودها تركيا تفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين الدول المعنية. فإذا نجحت هذه الجهود في توحيد الصفوف ضد “داعش”، فقد تسهم في تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة وتساعد في إعادة بناء الثقة بين دمشق وبغداد.

مقالات ذات صلة