في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا، تواجه العائلات في القامشلي تحديات كبيرة عند طلب الرعاية الطبية، حيث أصبحت تكاليف المعاينات مرتفعة مقارنة بالخدمات التي تُقدَّم، مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن بدائل، مثل الصيدليات، للحصول على العلاج دون الحاجة لدفع مبالغ طائلة.
تجربة ياسمين مع الأطباء
تحدثت ياسمين، وهي سيدة تعيش في القامشلي، عن تجربتها مع الأطباء قائلة: “ذهبت إلى عدة أطباء بحثًا عن علاج لمشكلة في الظهر، ولكن كل زيارة كانت تنتهي بسرعة دون فحص دقيق أو تشخيص واضح، فقط بضعة أسئلة عن موضع الألم، ثم وصفة طبية باهظة الثمن”.
وأضافت: “في إحدى المرات، دفعت 75 ألف ليرة كأجر معاينة، بينما طلب طبيب آخر مبلغًا أعلى دون تقديم خدمة أفضل. عندما ذهبت للصيدلية، قام الصيدلي بحذف نصف الأدوية الموصوفة، مؤكدًا أنها مجرد مسكنات، وأعطاني بدائل بتكلفة أقل، وكانت النتيجة أنني شعرت بتحسن أكثر مما لو كنت التزمت بالعلاج الموصوف من الطبيب”.
معاناة الأهالي مع أجور الأطباء
تؤكد ياسمين أن التكاليف المرتفعة لم تقتصر على علاجها الشخصي، بل امتدت إلى أبنائها الثلاثة، حيث تتراوح تكلفة المعاينة الطبية للأطفال بين 25 إلى 50 ألف ليرة سورية، دون أن تكون هناك فحوصات دقيقة، بل مجرد استشارة سريعة تستغرق خمس دقائق فقط.
وتوضح أن “الانتظار في العيادات يمتد لساعات طويلة، وأحيانًا منذ الصباح حتى المساء، بينما تنتهي المعاينة خلال دقائق قليلة، ليطلب الطبيب مراجعة بعد 15 يومًا، وحينها لا تكون المراجعة مجانية إلا إذا تمت خلال المدة المحددة، وإلا فعلى المريض دفع أجر المعاينة مجددًا”.
الأطباء بين الربح والمهنة الإنسانية
تشير ياسمين إلى أن الأجور الطبية تبقى ثابتة رغم التغيرات الاقتصادية، قائلة: “حتى مع انخفاض سعر الدولار وانخفاض أسعار الأدوية، فإن تكلفة المعاينات الطبية لم تنخفض، مما يجعل الكثير من العائلات غير قادرة على تحمل نفقات العلاج، فتضطر إلى اللجوء للصيدليات حيث يكون التشخيص مجانيًا نسبيًا، كما أن الصيدلي يحرص على تقديم دواء فعّال كي لا يضر سمعته.”
بين الحاجة إلى العلاج وإصلاح النظام الصحي
في ظل هذه التحديات، يواجه المرضى في القامشلي معضلة حقيقية بين الحاجة إلى العلاج وبين القدرة على تحمّل تكاليفه، مما يجعلهم في كثير من الأحيان أمام خيار صعب: إما دفع مبالغ طائلة مقابل استشارة طبية سريعة، أو تجاهل المرض وتحمل المعاناة.
وبينما يطالب المواطنون بإصلاحات في القطاع الصحي، يبقى السؤال الأهم: متى يصبح العلاج حقًا متاحًا للجميع، وليس مجرد خدمة لمن يستطيع الدفع؟