عائدون من النزوح..خسارة للمنازل في إدلب وصعوبات تواجه إعادة الإعمار

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

اضطر كمال نصر الله، المعروف بـ”أبو علي”، إلى العودة إلى قريته في ريف دمشق بعدما صدر قرارٌ من المحافظة بتعيينه رئيسًا لبلدية بسيمة في منطقة وادي بردى.

هذه العودة لم تكن سهلة، فقد ترك وراءه منزله الذي بناه في مهجره القسري بقرية عقربات في ريف إدلب، حيث لجأ إليها عام 2018، بعد أن هجّر النظام سكان وادي بردى إثر أشهرٍ من الحصار والقصف بمختلف أنواع الأسلحة، ما ألحق ضررًا كبيرًا بسرير نهر بردى ومحطة ضخ مياه عين الفيجة.

لم يسعف أبو علي الوقت للتفكير في مصير منزله في عقربات، فالواقع الجديد فرض على العائلة الرحيل، فكما يقول: “الأرض طلبت أهلها”، ولا بد من العودة إلى الديار، أما مصير المنزل فمرهون بالسعر الذي يمكن أن يُباع به، في ظل أزمة اقتصادية خانقة جعلت حركة البيع والشراء أكثر تعقيدًا.

كانت عقربات، تلك القرية الصغيرة الواقعة في ريف إدلب الشمالي، قد احتضنت آلاف العائلات المهجرة من مختلف المحافظات السورية، وتحوّلت إلى ملاذ آمن للنازحين.

ومع توافد النازحين إليها، تشكلت أحياء جديدة، حيث استقر الشوام في جنوبها، بينما تجمع أهالي حمص في شمالها، وسكن النازحون من دير الزور في منطقة قريبة من الحدود. لكل حارة طقوسها وعاداتها الخاصة، ما جعل عقربات تعكس فسيفساء اجتماعية فريدة من نوعها.

قبل الثورة السورية، لم يكن عدد سكان عقربات يتجاوز 3 آلاف نسمة، جلّهم من الموظفين والعاملين في حلب ودمشق، لكن موجات التهجير رفعت العدد إلى أكثر من 100 ألف، لتصبح القرية وجهة لمن يبحث عن بعض الاستقرار وسط رحلة نزوحه القسري. ومع تغير الظروف، بدأت القرية تشهد موجات عودة يومية للعائلات نحو مدنهم وقراهم في وسط وجنوب سوريا.

تعيش أم وسيم، من أهالي القرية، مشاعر مختلطة بين الفرح والحزن، وتقول لمنصة سوريا 24: “فرحتي كانت كبيرة بسقوط نظام الأسد”، ثم تقطع الدموع حديثها، مضيفة: “لقد اعتدنا على جيراننا لسنوات، أصبحنا أكثر من أهل وأصحاب، والآن يرحلون.. لدي مشاعر مختلطة، سعيدة لعودتهم، وحزينة لفراقهم”.

انعكست موجات العودة على أسعار العقارات في القرية، حيث شهدت انخفاضًا بنسبة 30%، وفق ما يوضحه أبو توفيق، صاحب مكتب عقاري، فأسعار المنازل تتراوح بين 4 آلاف و30 ألف دولار أميركي، حسب المساحة وجودة البناء، بينما انخفضت إيجارات البيوت إلى ما بين 30 و70 دولارًا فقط.

أما أبو معن، وهو دلال عقارات في القرية، فيؤكد أن الانخفاض تجاوز 30% منذ سقوط النظام في 8 ديسمبر الماضي، مشيرًا إلى أنه تلقى طلبات بيع لأكثر من 100 منزل في الفترة الأخيرة. الجميع يبيع بخسارة، مستشهدًا بشاب شامي اضطر لبيع منزله بـ 5700 دولار، رغم أنّ كلفته تجاوزت 21 ألف دولار.

في المقابل، وجد أبو علي نفسه أمام واقع معيشي صعب في ريف دمشق، حيث لا تكفي 100 دولار سوى ليوم واحد، فيما تصل أجرة عامل الصحية إلى مليون ليرة سورية، ما دفع الكثيرون للعزوف عن ترميم منازلهم والبحث عن سكن بالإيجار أو لدى الأقارب، أو حتى اللجوء إلى مساكن الحرس الجمهوري التي هجرها عساكر النظام البائد.

تُقدّر الخسائر في المدن والقطاعات المختلفة، بما في ذلك البنية التحتية والقطاعات الاجتماعية والبيئية، بين 8.7 و11.4 مليار دولار، حيث استحوذت البنية التحتية المادية على 68% من الأضرار، أي ما بين 5.8 و7.8 مليارات دولار. ورغم غياب إحصاء دقيق لكلفة إعادة الإعمار، نظرًا لتعقيد عملية حصر الخسائر، تتباين التقديرات بشكل كبير، ما يعكس فجوة واسعة في تقييم الأضرار.

هذه الأرقام تضع الحكومة الانتقالية المقبلة أمام تحديات كبيرة، بدءًا من تأمين تكلفة إعادة الإعمار، مرورًا بإصلاح البنية التحتية المدمرة، وصولًا إلى تشجيع الاستثمارات وضخ الأموال في الاقتصاد المحلي.

كل ذلك يبقى مرهونًا بالتوجهات الدولية ومدى استعداد دول الخليج والمجتمع الدولي لدعم المرحلة الجديدة في سوريا، حيث من المتوقع أن تتشكل الحكومة الانتقالية الجديدة بقرار من الرئيس الشرع في بداية آذار/ مارس القادم.

مقالات ذات صلة