أكد الحقوقي عبد الناصر حوشان، أحد المشاركين في الجلسة التي عقدتها لجنة التحضير لمؤتمر الحوار الوطني السوري في حديثه لمنصة سوريا 24، أن أبرز المواضيع التي تم تداولها خلال الجلسة كان موضوع “العدالة الانتقالية”، الذي شكل المحور الأساسي للنقاش.
وأشار إلى أن هذا الموضوع يأتي في سياق الجهود الرامية إلى معالجة آثار ما مرت به سوريا منذ سنوات، بما في ذلك محاسبة مرتكبي الانتهاكات وتعويض الضحايا وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
وشهدت مدينة حماة عقد جلسة حوارية تُعد من أبرز المحطات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي يُنتظر أن يكون منصة رئيسية لبحث القضايا الوطنية والسياسية الشائكة في البلاد.
الجلسة التي عقدتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر، جاءت ضمن سلسلة لقاءات مماثلة تعقد في مختلف المناطق السورية، بهدف إشراك أوسع طيف من المجتمع المدني والسياسي في صياغة رؤى مشتركة حول مستقبل سوريا.
واعتبر حوشان أن العدالة الانتقالية تعد خطوة أساسية لتحقيق المصالحة الوطنية، مشدداً على أهمية وضع آليات واضحة وشفافة لتنفيذها.
كما أشار إلى أن النقاشات تطرقت إلى الدستور وشكل الحكم في سوريا، حيث أعرب المشاركون عن آرائهم المختلفة حول النظام السياسي المستقبلي للبلاد، بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع مكونات الشعب السوري.
وإلى جانب العدالة الانتقالية، كان ملف “عودة المهجرين قسراً” إلى ديارهم المدمرة أحد المحاور الرئيسية التي استحوذت على اهتمام المشاركين.
وقد أكدت أغلب المداخلات على ضرورة توفير البيئة الآمنة والمستقرة لعودة اللاجئين والنازحين، بالإضافة إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي لإعادة إعمار منازلهم وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم.
وفي هذا السياق، أشار المشاركون إلى أن عودة المهجرين ليست مجرد قضية إنسانية، بل هي أولوية وطنية تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل دور المواطن في إعادة بناء الدولة، كما طالبوا بوضع خطط عملية بالتعاون مع المنظمات الدولية لضمان تنفيذ هذا الملف بشكل فعال، حسب حوشان.
ولم يقتصر النقاش على القضايا السياسية فقط، بل تطرق المشاركون أيضاً إلى الأمور الخدمية والاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.
ومن أبرز هذه القضايا زيادة الرواتب وتحسين مستوى المعيشة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث وأكد المشاركون على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهذه المشكلات، لضمان استقرار المجتمع وتخفيف معاناة المواطنين.
وتأتي هذه الجلسة الحوارية في إطار التحضيرات المكثفة للمؤتمر الوطني السوري، الذي من المقرر عقده في دمشق خلال الفترة المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة التحضيرية قد عقدت جلسات مشابهة في مدن أخرى، مثل حمص وإدلب، حيث تم استعراض نفس المحاور مع نخبة من الشخصيات الاجتماعية والمدنية والعسكرية.
يُذكر أن الرئاسة السورية كانت قد أعلنت، يوم الأربعاء الماضي، تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني، ضمت في عضويتها كلًا من: حسن الدغيم، ماهر علوش، محمد مستت، مصطفى الموسى، يوسف الهجر، هند قبوات، وهدى الأتاسي.
وتهدف هذه اللجنة إلى الإشراف على التنظيم والإعداد للمؤتمر، بما يضمن تمثيل أوسع شريحة من المجتمع السوري، حيث تمثل هذه الجلسات الحوارية خطوة مهمة نحو تحقيق التوافق الوطني وإنهاء حالة الانقسام التي عاشتها سوريا لسنوات طويلة.
ومع استمرار النقاشات حول العدالة الانتقالية وعودة المهجرين وشكل الحكم المستقبلي، يبدو أن المؤتمر الوطني يحمل في طياته فرصة تاريخية لرسم ملامح سوريا الجديدة، التي تتطلع إلى السلام والاستقرار والتنمية.