أثار انعقاد اللقاء التشاوري لمحافظة الحسكة الذي دعت إليه اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني صباح اليوم في دمشق جدلًا واسعًا، حيث انتقد المجلس الوطني الكردي تنظيمه، معتبرًا أن المشاركين لا يعكسون التعددية السياسية والقومية في المحافظة، رغم تأكيد عدد من المصادر تنوع الحضور من مختلف القوميات والإثنيات من أبناء المحافظة.
أكد فيصل يوسف، الناطق باسم المجلس الوطني الكردي، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن تجاوز المكونات السياسية والقومية والاكتفاء بالدعوات الفردية يُضعف جدوى هذه الاجتماعات ومخرجاتها، مضيفًا أن اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي شُكلت في بداية الشهر الحالي لا تمثل جميع الأطياف السياسية في البلاد، مما يستدعي إعادة النظر فيها.
وشدّد يوسف على أن المجلس أوضح موقفه في بيانات وتصريحات عدة، مؤكدًا على ضرورة تمثيل الشعب الكردي كمكون أساسي في أي حوار حول مستقبل سوريا، وإشراكه في مؤسسات الدولة وصياغة الدستور لضمان عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تهميش. كما أشار إلى أهمية تحقيق العدالة الانتقالية من خلال معالجة انتهاكات جميع الأطراف، وإنصاف الضحايا، وإرساء أسس المصالحة الوطنية.
في المقابل، اعتبر مشاركون في المؤتمر أن الحدث كان خطوة إيجابية نحو تعزيز الحوار بين أبناء المحافظة. وقال الدكتور عبد الحميدالحامدي لمنصة سوريا 24: “الظروف الحالية تتطلب مثل هذه اللقاءات، وأرى أن المؤتمر كان ناجحًا، حيث ضم ممثلين عن جميع المكونات، من عرب وكرد ومسيحيين.. صحيح أنه عُقد في دمشق، لكننا في وضع استثنائي، وكانت هناك آراء إيجابية وطروحات مهمة”.
ونفى الحامدي الاتهامات بأن المشاركين كانوا محسوبين على السلطة، موضحًا أن الحضور كان متنوعًا، مستشهدًا بوجود شخصيات مستقلة من المسيحيين مثل الدكتور جاك كوريه، وعن المكون الكردي عدد من الناشطين والباحثين مثل بدر ملا رشيد، وأسامة شيخ علي وآخرين.
وأكد كلام الحامدي منشور للدكتور فريد سعدون على صفحته الشخصية الذي أشار لمشاركة نحو ٢٠ شخصية كردية من الحسكة في المؤتمر، ينتمون لأحزاب كردية ومنظمات مجتمع مدني، إضافة لممثلين عن العشائر العربية.
من جانبه، أكد مضر الأسعد لمنصة سوريا 24 أن المؤتمر جمع مختلف شرائح المجتمع في الحسكة، من عرب وكرد إيزيديين والتركمان والآشوريين، مشيرًا إلى أن الشخصيات الحاضرة معروفة بنضالها السياسي، وضمت أعضاء من المعارضة التاريخية ومنظمات المجتمع المدني.
وأضاف أن المؤتمر كان فرصة هامة لنقل هموم المحافظة، خاصة فيما يتعلق بالتهميش الذي تعاني منه الحسكة، سواء في فترة حكم النظام السابق أو في ظل سيطرة “قسد”، التي وصفها بأنها عائق أمام عقد مثل هذه الفعاليات داخل المحافظة.
جاء المؤتمر فرصة لطرح آراء وتوصيات الحضور للجنة التحضيرية للمؤتمر الحوار الوطني، حيث ركزت مشاركات الحضور بحسب مصادر متقاطعة حضرت المؤتمر على تمثيل عادل لمحافظة الحسكة من خلال آلية تضمن مشاركة جميع المكونات، وتعزيز المواطنة المتساوية بحيث يتم الاعتراف بحقوق جميع المكونات دون امتيازات خاصة، مع ضمان الحقوق الثقافية للشعب الكردي ضمن إطار المواطنة السورية.
كما شدد الحضور على رفض أي جهة تدّعي تمثيل سكان الحسكة دون انتخابات حرة أو توافق مجتمعي، وضرورة إنهاء التهميش التنموي عبر إدراج الحسكة في خطط التنمية الوطنية، إلى جانب إصلاح التعليم ووقف التدخلات السياسية في المناهج الدراسية لضمان محتوى يعكس تنوع المجتمع ويلبي تطلعاته.
وفي هذا السياق، قدم الدكتور عبد الحميد الحامدي مقترحاً لتمثيل الحسكة في المؤتمر الوطني السوري بحيث يكون التمثيل مبنيًا على التقسيم الإداري للمحافظة، مع اختيار ممثلين عن كل ناحية وفقًا لعدد سكانها، لضمان مشاركة فعلية تعكس الواقع السكاني وتحقق توازنًا بين جميع الأطياف في عملية صنع القرار.
بينما يرى البعض أن مؤتمر الحسكة خطوة ضرورية نحو الحوار والمصالحة، يعتبره آخرون فاقدًا للشرعية بسبب غياب أطراف سياسية رئيسية عنه. يأتي ذلك في ظل مفاوضات جارية بين حكومة دمشق و”قسد” للتوصل إلى اتفاق، وسط أنباء متباينة حول تقدمه أو تعثره. بالتزامن، أصدرت “قسد” وجناحها السياسي “مسد” بيانًا لتهنئة الرئيس السوري، معلنين استعدادهما للانخراط في مفاوضات بناءة مع دمشق، ما يفتح الباب للتكهنات حول الجهات التي ستمثل المحافظات الثلاث في المؤتمر السوري للحوار الوطني.