في خطوة نوعية تعكس روح المبادرة والعمل الجماعي، أعلن عدد من أهالي ريف حمص الشمالي في حديثهم لمنصة سوريا ٢٤، عن تشكيل لجان محلية تمثل كل مدينة وبلدة بهدف التحدث باسم الأهالي والعمل على تحقيق مطالبهم وتطلعاتهم.
تمثيل صوت الأهالي
وجاءت هذه اللجان بعد سنوات من المعاناة نتيجة الصراع الدائر في سوريا بسبب نظام الأسد السابق وداعميه ضد السوريين، حيث تسعى إلى تعزيز دور المجتمع المحلي في إعادة بناء البنية التحتية وترسيخ الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى محاربة الفساد ومكافحة آثار النظام السابق.
وعن أهمية هذه اللجان وأهدافها، أوضح الدكتور سليم طه، عضو اللجنة المحلية لمدينة تلبيسة وريفها في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، بأن الهدف الأساسي من تشكيل هذه اللجان هو “تمثيل صوت الأهالي وتحقيق مطالبهم المشروعة”، مع التركيز على إبعاد فلول النظام السابق الذين ما زالوا يتربعون على بعض المناصب الحكومية ويؤثرون سلباً على تقديم الخدمات.
ويتماشى عمل اللجان، حسب طه، مع رؤية الدولة الجديدة، حيث إنها تسعى لتعزيز التعاون بين الأهالي والحكومة لتحقيق التنمية المستدامة دون تعطيل عمل المؤسسات العامة.
وتعمل اللجان تعمل ضمن إطار ثوابت واضحة، أهمها دعم الحكومة ومساعدتها في القضاء على الفساد وتحسين الواقع الخدمي في المدينة وريفها.
وتركز اللجان على أهمية تعزيز التكافل الاجتماعي والتخلص من الأفكار السلبية التي غرسها النظام السابق، مثل العصبيات المناطقية والقبلية، واستبدالها بروح المحبة والإيثار بين جميع أطياف المجتمع، بحسب طه.
العمل على إزاحة المفسدين ودعم الخدمات
وأعلنت اللجان المحلية في مدينة تلبيسة وريفها عن مجموعة من المطالب والأولويات التي تركز على تحسين الواقع الخدمي والاجتماعي. ومن أبرز هذه المطالب:
– العمل على إزاحة المفسدين وفلول النظام البائد من الدوائر الحكومية الذين كانوا يعيثون فساداً ويسيئون لمصالح المدينة وأهلها.
– دعم المراكز الصحية وتوفير خدمات طبية شاملة، بما في ذلك العيادات والمخابر والتصوير الشعاعي والأدوية المجانية لأصحاب الأمراض المزمنة.
– تحديث الشبكة الكهربائية وتوظيف عمال صيانة وإداريين ذوي كفاءة للتعامل مع الأعطال بشكل سريع وفعال.
– اعتماد حلول محلية وبمساعدة حكومية لإنارة الشوارع والطرق الموصلة للأرياف باستخدام الطاقة الشمسية، مما يخفف من الحوادث ويجعل الطرقات أكثر أماناً.
– توفير أجهزة بريد حديثة وشبكة إنترنت فضائية قادرة على خدمة أكثر من 100 ألف نسمة في المدينة وريفها.
– التعاون مع جهاز الأمن العام للقبض على الخارجين عن القانون وتعزيز الدور الأمني بما يساهم في جعل المنطقة بيئة جاذبة للاستثمار والتنمية.
– العمل على ترميم المدارس وإعادة تأهيلها لتوفير بيئة تعليمية صحية للأجيال القادمة، بالإضافة إلى دعم المرافق الثقافية والدينية مثل تحفيظ القرآن الكريم واللغة العربية.
– دعم الأيتام والأرامل وذوي شهداء الثورة، وضمان إيصال المعونات لمستحقيها دون فساد أو استغلال.
– زيادة دور الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في المدينة وريفها لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث اليومية.
حالة من الاستقرار المتزايد
من جهته، إبراهيم قيسون، أحد سكان الريف الشمالي لحمص، أشار في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن أبرز المستجدات في ريف حمص، ومنها هي عودة معظم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والاتصالات، رغم أنها لا تزال تتركز في المراكز الرئيسية.
وأضاف أن هناك عودة قوية للنازحين إلى مناطقهم الأصلية، مما يعكس حالة من الاستقرار المتزايد، ومع ذلك، اعتبر أن حركة العمران ما زالت خفيفة ولكنها نشيطة، وأن الناس يعانون من قلة الأموال وارتفاع الأسعار مع اقتراب شهر رمضان.
وفي هذا السياق، دعا قيسون إلى تعزيز العمل الجماعي والاعتماد على الذات في إعادة الإعمار والبناء، مؤكداً أن التكاتف بين الأهالي ومراعاة ظروف بعضهم البعض يمكن أن يكون حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة.
مبادرات إيجابية تدعم عودة السكان
بدوره، أشاد الناشط محمود أبو سليمان في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، بالمبادرات الإيجابية التي تشهدها منطقة ريف حمص الشمالي.
وكانت عودة الأهالي، وفق ما ذكر أبو سليمان، من أبرز الإيجابيات، إلى جانب المحاولات الحثيثة لترميم الشرخ الذي سببه نظام الأسد سابقاً، تزامنا مع وجود مبادرات لإعادة رونق المنطقة لسابق عهدها، بما في ذلك إعادة المؤسسات إلى عملها الطبيعي وتفعيل العديد من المشاريع الخدمية.
تشكل اللجان المحلية في ريف حمص نموذجاً يحتذى به في العمل الجماعي والتنظيم المجتمعي، كونها تعبر عن روح المسؤولية والالتزام لدى الأهالي الذين يسعون لتجاوز آثار الحرب وإعادة بناء حياتهم بطريقة مستدامة.
ومع استمرار الجهود المبذولة من قبل هذه اللجان والتعاون مع الحكومة السورية والمنظمات الدولية، يبدو أن المستقبل يحمل الكثير من الآمال لريف حمص الشمالي خاصة ولسوريا عامة.