تشهد مدينة جرمانا، الواقعة على بعد ثلاث كيلومترات من العاصمة دمشق، حالة من التوتر الأمني عقب هجوم مسلح استهدف حاجزًا لقوى الأمن الداخلي، ما أدى إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى، وسط تصاعد التحليلات حول دوافع الحادثة وأبعادها السياسية والأمنية.
وفي أعقاب هذه التطورات، أصدرت إسرائيل تصريحات مثيرة للجدل، حيث أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، عن استعداد الجيش الإسرائيلي “للدفاع عن دروز جرمانا” ضد ما وصفوه بـ”تهديدات النظام السوري الجديد”، مؤكدين أنهم لن يسمحوا بأي أذى يلحق بهذه الطائفة.
اتهامات بالتدخل الإسرائيلي ومحاولات لإثارة الفتنة
يرى الصحفي والناشط المدني علي الحسين من السويداء. في حديث لمنصة سوريا ٢٤ أن التصريحات الإسرائيلية ليست سوى محاولة لاستغلال الأحداث في جرمانا لإشعال الفوضى في المنطقة، معتبرًا أن التحريض الإسرائيلي يستهدف خلق انقسامات داخل المجتمع المحلي وتأجيج الصراعات بين مكوناته.
من جانبه، اعتبر الصحفي نورس عزيز أن إسرائيل تحاول الاستفادة من أي حدث أمني في سوريا، مشيرًا إلى احتمال وجود دور لها في تأجيج التوترات في جرمانا. كما انتقد غياب أي موقف رسمي قوي من الحكومة السورية، مؤكدًا أن الصمت قد يُفسَّر على أنه قبول ضمني بالمخططات الخارجية.
كما أبدى عزيز في حديث لمنصة سويا ٢٤مخاوفه من أن تكون الأحداث الأخيرة مقدمة لمخطط إسرائيلي لفرض واقع جديد في الجنوب السوري، داعيًا إلى تعزيز الانتشار العسكري على الحدود لمنع أي محاولات للتدخل الخارجي.
تحريض إعلامي أم صراع داخلي؟
بحسب الحسين، فإن ما يجري في جرمانا ليس مجرد حادثة أمنية معزولة، بل يحمل أبعادًا تحريضية خطيرة تهدف إلى إثارة الفتن. ويؤكد أن هناك أطرافًا داخلية وخارجية تعمل على إشعال النزاع بين مختلف المكونات، من خلال بث خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مستغلين التوترات الطائفية والمناطقية.
وأشار إلى أن بعض الحسابات الإلكترونية التي تدّعي تمثيل أبناء الطائفتين الدرزية والسنية، مرتبطة بالموساد الإسرائيلي وتعمل على تحريض كل طرف ضد الآخر، عبر اتهام الدروز بأنهم “عملاء”، والسنة بأنهم “إرهابيون”، في محاولة لإحداث شرخ في النسيج الاجتماعي السوري.
انتشار أمني وتعزيزات عسكرية في جرمانا
في ظل التصعيد الأخير، شهدت جرمانا انتشارًا أمنيًا مكثفًا، حيث قامت السلطات بتعزيز نقاط التفتيش وإرسال تعزيزات عسكرية للبحث عن منفذي الهجوم الذي استهدف قوى الأمن الداخلي.
وتتهم مجموعة مسلحة تعرف باسم “لواء درع جرمانا” بالوقوف وراء الاعتداء، حيث قامت بمهاجمة حاجز أمني، مما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة آخرين، إضافة إلى اقتحام مخفر الشرطة وإجبار عناصره على مغادرته وفقا لمصادر منصة سوريا 24.
دعوات لضبط الأمن ومحاسبة المتورطين
على وقع هذه الأحداث، أصدر وجهاء ومشايخ جرمانا بيانًا دعوا فيه إلى عادة عناصر الشرطة إلى المخفر، وإجراء تحقيق شفاف لكشف ملابسات الهجوم مع محاسبة جميع المتورطين في الحادثة وعدم التهاون مع أي جهة تسعى لإثارة الفوضى، والتأكيد على أهمية وحدة المدينة ورفض أي محاولات خارجية لاستغلال التوترات لصالح أجندات سياسية.
إجراءات لضبط الأمن واستعادة الاستقرار
في اجتماع موسع ضم وجهاء المدينة وفعالياتها الاجتماعية، تم الاتفاق على:
• رفع الغطاء عن أي شخص متورط في الاعتداء وتسليمه للجهات المعنية.
• إعادة تفعيل مركز ناحية جرمانا بأسرع وقت، مع ضمان وجود كوادر قادرة على إدارة الوضع بحكمة وكفاءة.
• فتح تحقيق رسمي في حادثة قسم شرطة الصالحية، والتي تسببت بتوترات إضافية بعد إطلاق النار على وفد مكلف بحل نزاع سابق.
• التشديد على أن جرمانا كانت وستبقى جزءًا من نسيج دمشق وسوريا، ولن يُسمح لأي جهة باستغلال الأحداث لخلق انقسامات داخلية.
ختامًا، تبقى جرمانا في قلب المشهد السوري المتأزم، حيث تتداخل العوامل الأمنية والسياسية والاجتماعية، وسط محاولات لضبط الوضع ومنع تفاقم الأزمة، في وقت تحاول أطراف خارجية ركوب موجة الفوضى لتحقيق مصالحها.