بعد النصر.. رمضان يجمع شمل العائلات السورية من جديد

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

يشهد هذا العام رمضانًا مختلفًا لمعظم العائلات السورية التي فرّقتها الحرب والنزوح والهجرة، حيث تمكن بعض المغتربين والنازحين من العودة إلى ديارهم أو لقاء أحبّتهم بعد سنوات من الفراق، ليعيشوا الأجواء الرمضانية بروح جديدة تمزج بين الفرح باستعادة الدفء العائلي ومرارة الذكريات التي تركتها سنوات التشتت.

عودة المغتربين ولمّ شمل النازحين

في أحياء دمشق وبعض المناطق الريفية، عاد بعض المغتربين لقضاء رمضان بين أهلهم بعد سنوات من الغياب في بلاد اللجوء أو الغربة. أبو محمد، مغترب في السعودية منذ ثماني سنوات، عاد هذا العام إلى سوريا لقضاء رمضان بين أفراد عائلته, ويقول لـ”سوريا 24”: “غبت عن رمضان في بلدي لسنوات، وكانت الأجواء تقتصر على مكالمات الفيديو وصور الإفطار، أما اليوم فأعيش اللحظات كما كانت في طفولتي، مع العائلة وصوت الأذان الذي افتقدته”.

كذلك في الشمال السوري، تمكنت بعض العائلات النازحة من العودة إلى قراها التي أصبحت أكثر استقرارًا نسبيًا، بينما لا تزال آلاف العائلات عاجزة عن العودة بسبب الدمار الكلي أو الجزئي الذي طال منازلهم وقراهم. فمنهم من تمكن من ترميم غرفة والسكن فيها مؤقتًا، ومنهم من عجز عن العودة في الوقت الحالي.

أم محمود، 55 عامًا، نازحة من ريف حماة الشمالي، تمكنت من العودة إلى قريتها بعد أربع سنوات من النزوح، لكنها وجدت منزلها متضررًا بشكل كبير. تقول في حديثها لمنصة “سوريا 24”: “رغم الدمار، عدنا لأننا لم نعد نحتمل حياة المخيمات. كنتُ أنتظر هذه اللحظة منذ سبع سنوات، واليوم أصوم رمضان في منزلي رغم دمار جزء كبير منه، حيث رممنا غرفة واحدة وسكنا فيها”.

في الوقت الذي لا يزال فيه الكثيرون غير قادرين على العودة، بسبب تهدم منازلهم بالكامل وعدم قدرتهم على إعادة إعمارها، يقضي هؤلاء رمضان هذا العام في أماكن نزوحهم رغم تحرير قراهم وبلداتهم.

أم خالد، التي عادت إلى حمص بعد نزوح دام سنوات، تقول: “لم أكن أتوقع أن أتمكن من إعداد أول مائدة رمضانية في منزلنا من جديد. كنا نعيش كل رمضان في خيمة، واليوم نجتمع مع الجيران كما كنا سابقًا”.

لمّ الشمل فرحة مؤقتة وسط التحديات

رغم فرحة اللقاء، ما تزال التحديات الاقتصادية تلقي بظلالها على الأهالي، حيث تشير دراسات اقتصادية محلية إلى أن متوسط تكلفة المعيشة لأسرة سورية ارتفع بشكل كبير، ما يجعل الاحتفال برمضان صعبًا للكثيرين. ومع ذلك، يبقى اجتماع العائلات ولو مؤقتًا بارقة أمل تُعيد لبعض السوريين أجواء رمضان التي افتقدوها طويلاً.

رنا الكيلاني، مهجّرة من حي الميدان الدمشقي وأم لثلاثة أطفال، لم تتوقع أن يأتي يوم تلتقي فيه بأمها وأخيها بعد أكثر من عشر سنوات من التهجير والغربة التي قضتها في أحد مخيمات كفر لوسين شمال إدلب، حيث كبر أطفالها بعيدًا عن منزلها في دمشق. فوجئت أمس بزيارة عائلتها لمنزلها لقضاء رمضان معها، وتقول: “لم يكن اللقاء كما حلمتُ يومًا، في بيتنا بالميدان بعد التحرير، لكنه كان كافيًا ليعيد إليّ شعور الدفء الذي فقدته طيلة سنوات النزوح”.

وسط أجواء رمضان التي تفتقدها منذ تهجيرها، حاولت رنا أن تعيش اللحظة بكل تفاصيلها، تحضر الإفطار بيدها كما كانت تفعل في منزلها بدمشق، وتتبادل الأحاديث مع أمها وأخيها حول ذكريات الطفولة وأيام العيد التي كانت تجمعهم سابقًا. ورغم بساطة ما تمتلكه في منزلها بالمخيم، إلا أن وجود عائلتها حولها جعل المكان أكثر دفئًا، وأعاد إليها إحساسًا كانت تظن أنه ضاع مع سنوات النزوح.

لكنها في الوقت ذاته لم تستطع إخفاء ألمها وهي تسمع من والدتها تفاصيل ما حلّ بحيّها القديم، وأخبار الجيران الذين تفرقت بهم السبل، لتدرك أن اللقاء، رغم فرحته، كان تذكيرًا بواقع التهجير الذي لا يزال يلاحقها.

رمضان الأمل بعد سنوات من الغربة

رمضان هذا العام مختلف لكثير من السوريين، ليس فقط لأنه مناسبة دينية واجتماعية، بل لأنه يمثل لحظة نادرة من الفرح في حياة كثيرين ممن كانوا محرومين من أبسط معاني الاجتماع العائلي. وبينما يعيش البعض فرحة اللقاء، لا يزال آخرون ينتظرون اليوم الذي يعودون فيه ليشاركوا أحبّتهم لحظات الإفطار والسحور كما كانوا يفعلون قبل سنوات الحرب والغربة.

مقالات ذات صلة