أكد مدير صحة حماة، الدكتور نزيه الغاوي، في حديثه لمنصة سوريا 24، أن ما تم تداوله حول “فصل” عدد من الكوادر الصحية في مدينة سلمية غير دقيق، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بخطة لإعادة هيكلة القوى العاملة بهدف تحسين الأداء ووقف الهدر المالي، مع مراعاة حقوق الموظفين.
احتجاجات في سلمية رفضاً للقرارات الجديدة
شهدت مدينة سلمية، أمس الأحد، احتجاجات واسعة شارك فيها جميع أهالي المدينة إلى جانب العاملين في المراكز الصحية والمشفى الوطني، وذلك رفضاً للقرارات التي أثرت على حقوقهم الوظيفية ووضعت النظام الصحي في المدينة على حافة الانهيار.
وكانت التوقعات تشير إلى زيادة في الرواتب، وفق ما أوضحته بثينة شحود، إحدى العاملات في إدارة المنطقة الصحية بسلمية، في حديثها لمنصة سوريا 24، إلا أن المفاجأة كانت بتلقي بعض الموظفين قرارات فصل بدلاً من الزيادات المنتظرة. وقالت شحود: “ما يحصل اليوم هو ظلم كبير بحقنا، خاصة وأننا نعمل في ظروف صعبة للغاية ولا يمكننا تحمل المزيد من الضغوط”.
الغاوي: “ما يجري ليس فصلاً تعسفياً”
نفى الدكتور نزيه الغاوي وجود أي عمليات فصل تعسفي، مشيراً إلى أن الحديث عن “فصل” الكوادر الصحية هو “لغط كبير وفهم خاطئ للموضوع”، حيث لا يدور الأمر حول فصل مباشر لأي موظف، بل عن إعادة هيكلة وتنظيم للقوى العاملة في القطاع الصحي.
وأوضح أن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين الأداء العام للمرافق الصحية وتخفيف الأعباء المالية على الدولة، التي تكبدت خسائر كبيرة بسبب سياسات توظيف غير قانونية سابقة، حيث تم تعيين أعداد كبيرة من الموظفين عبر الواسطة والمحسوبيات، ومن بينهم أشخاص حصلوا على وظائف ضمن فئة “ذوي القتلى”، وهو نظام أُسيء استخدامه في بعض الحالات دون مراعاة الكفاءة أو الحاجة الفعلية.
كما كشف الغاوي عن وجود حالات “وظائف وهمية”، حيث يتقاضى البعض رواتب دون أن يكونوا فعلياً على رأس عملهم، مؤكداً أن هذه الممارسات تحتاج إلى معالجة لضمان كفاءة النظام الصحي.
تصعيد الموظفين ورفض المديرية استقبال طلباتهم
في ظل الأزمة، قام جميع العاملين في المجال الصحي في سلمية بتقديم كتب رسمية فردية للمطالبة بحقوقهم، وتم إرسالها بشكل جماعي إلى مديرية صحة حماة. إلا أن المديرية، بحسب بثينة شحود، رفضت استقبال هذه الكتب، مما أثار غضب المحتجين وزاد من تساؤلاتهم حول نوايا الإدارة الحقيقية.
منح “إجازات مأجورة” وليس فصل تعسفي
أكد الغاوي أن ما يجري ليس عملية فصل تعسفي، بل إعادة نظر في ملفات الموظفين لتحديد الحاجة الفعلية لكل منهم في مواقع العمل المناسبة. وأوضح: “سيُعاد قسم من الموظفين إلى العمل، بينما سيتم النظر في وضع الباقين وفق توجيهات الوزارة، وقد يتم إحالتهم للتقاعد إذا كان ذلك مناسباً”.
وأشار إلى أن فئة محددة سيتم تسريحها بشكل مباشر، وهم الموظفون الذين تم تعيينهم بطرق غير قانونية أو الذين يتقاضون رواتب دون تقديم أي خدمات فعلية.
تحذيرات من انهيار النظام الصحي في المدينة
على الرغم من هذه التوضيحات، عبّر الموظفون الصحيون عن مخاوفهم من تداعيات هذه الإجراءات، مشيرين إلى أنهم عانوا لسنوات من ظروف عمل صعبة ونقص في الإمكانيات.
وأكدوا أن القرارات الأخيرة ستؤدي إلى انهيار كامل للنظام الصحي في المدينة، لافتين إلى وجود مسؤول لقاح واحد فقط يغطي 24 مركزاً صحياً، إضافة إلى مسؤول مستودع وحيد يتولى توزيع المواد الطبية لهذه المراكز المنتشرة في الريف، مما يهدد بانتشار الأوبئة بسبب نقص الكوادر اللازمة.
إجراءات مستقبلية لمواجهة الأزمة
عقب الاحتجاجات، تم منح الموظفين خيار تقديم استقالاتهم طوعاً، أو انتظار قرار الفصل الإجباري، حيث يُتوقع إنهاء خدمات ما بين 35% و40% من العاملين. ومع ذلك، لم تُوضح أي تفاصيل حول حقوق الموظفين الذين سيقدمون استقالاتهم، سواء فيما يتعلق بالتعويضات أو الرواتب أو الزيادات الموعودة، وفقاً لما أكدته بثينة شحود
رغم تأكيد مدير الصحة أن الإجراءات المتخذة تهدف إلى تحسين كفاءة القطاع الصحي، لا يزال الغموض يحيط بمصير مئات الموظفين، وسط تصاعد الاحتجاجات وتحذيرات العاملين من انهيار الخدمات الطبية في سلمية، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً للحفاظ على استقرار النظام الصحي في المدينة.