رمضان في الركبان: معاناة مستمرة وانتظار للخروج

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

لم يكن محمد عدي يتخيل أن يقضي شهر رمضان في هذه الظروف القاسية داخل مخيم الركبان. فقد تلاشت الأجواء الرمضانية تمامًا بعد مغادرة معظم العائلات، ولم يتبقَّ سوى عشرات الأسر التي تنتظر فرصتها للرحيل.

العودة إلى المجهول: الدمار والنهب يعرقلان الاستقرار

محمد، الذي عمل سابقًا مع وسائل إعلام محلية، يعيش على أمل العودة إلى بلدته مهين في ريف حمص الشرقي. لكن العودة محفوفة بالمخاطر، حيث أن الدمار الواسع والنهب الذي طال المنازل يجعل الاستقرار هناك أمرًا مستحيلًا.
مع تراجع أعداد السكان في المخيم، أصبحت الأحياء شبه مهجورة، مما يزيد من شعور الجميع بالعزلة. يقول محمد لمنصة سوريا 24: “رمضان هذا العام مختلف. معظم العائلات رحلت، ولم يتبقَّ سوى القليل في أحياء مثل القريتين وتدمر ومهين. لكن الجميع ينتظر الفرصة للمغادرة”.

نزوح متواصل وانتظار لا ينتهي

لم يكن معظم سكان المخيم راغبين في العودة، لكنهم بدأوا يتبعون من سبقهم بعدما شاهدوا العائلات تغادر واحدة تلو الأخرى. اليوم، لم يتبقَّ في المخيم سوى 300 عائلة. قبل أيام، زارت منظمة الهلال الأحمر المخيم ووعدت بتوفير وسائل نقل، مع توقعات بأن يغادر معظم من تبقى بعد شهر رمضان.
يضيف محمد: “لم تعد هناك أجواء رمضانية. الناس متباعدة، البيوت متفرقة، والأسواق شبه خالية بعد مغادرة التجار وأصحاب المهن مثل الميكانيكيين والحدادين”.

الركبان بلا حياة… الانتظار القاتل

في الحي التدمري، يجلس أبو علي، النازح من تدمر، أمام منزله الطيني مترقبًا حركة الشارع الذي أصبح شبه خالٍ. لم يعد هناك جيران ولا حياة تذكر، فمعظم من كانوا حوله غادروا. يقول بأسى: “رمضان هذا العام هو الأصعب منذ نزوحي إلى المخيم عام 2018. نحن نعيش حالة من الترقب، ونحاول تأخير صدمة العودة إلى بيوتنا المدمرة في تدمر. نعم، سأغادر المخيم بعد رمضان، لكن المصير مجهول”.

الأسعار تحاصر السكان… الغلاء يزيد المعاناة

تزداد الأوضاع المعيشية سوءًا مع ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية. فقد وصل سعر صرف الدولار إلى 9500 ليرة سورية، فيما سجلت أسعار السلع الأساسية ما يلي:
الخضار: بين 10,000 و15,000 ليرة للكيلوغرام
الفواكه: 15,000 ليرة للكيلوغرام
كيلو الفروج: 38,000 ليرة
قالب الزبدة: 8,000 ليرة
كيلو لبن الغنم: 15,000 ليرة

انتظار للمساعدة… وترقب للمجهول

في ظل هذه الظروف الصعبة، ينتظر محمد ومن تبقى من السكان أي مبادرات إغاثية تخفف من معاناتهم، بينما يترقبون وصول الحافلات لنقلهم خارج المخيم. أما الأمل الأكبر فهو أن يكون رمضان القادم في ظروف أفضل، بعيدًا عن حياة النزوح والمآسي المستمرة.

مخيم الركبان… مأساة ممتدة منذ سنوات

يقع مخيم الركبان عند المثلث الحدودي السوري-الأردني-العراقي، وقد بدأ كمحطة عبور للنازحين السوريين منذ عام 2013. مع تصاعد المعارك وسيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة، ازداد عدد النازحين العالقين هناك. تحول المخيم من مأوى مؤقت إلى مجتمع يعاني من نقص الخدمات وشحّ الموارد. رغم اهتمام المنظمات الإنسانية بالمخيم منذ 2015، إلا أن المساعدات ظلّت محدودة. تفاقمت الأزمة في 2016 بعد إغلاق الأردن حدوده إثر تفجير استهدف قاعدة عسكرية، ما أدى إلى حصار فعلي للمخيم وزيادة معاناة سكانه.

اليوم، وبعد أكثر من عقد على تأسيسه، ستطوى الصفحة الأكثر مأساوية في تاريخ النزوح السوري، وسيغادر نازحو المخيم إلى مناطقهم وبلداتهم. لكن شخوصهم ستبقى ظلالًا على رمال الصحراء، تجسد مأساة من عاشوا في هذه المنطقة لسنوات، تعرضوا للحصار والقهر، وعادوا يبحثون عن أمل بمستقبل أفضل، رغم المخاطر التي تكتنفه بعد أن هدمت آلة القمع الأسدية كل مقومات الحياة في تلك المدن والبلدات.

ملخص

غابت الأجواء الرمضانية عن سكان مخيم الركبان، بعد أن غادره معظم النازحين، ولم يبق به سوى عشرات العائلات تعيش في أطراف مترامية في أحياء المخيم الصحراوي

مقالات ذات صلة