أكد عدد من أبناء مدينة بانياس في حديثهم لمنصة سوريا ٢٤، أن الحياة السياسية بدأت بالعودة إلى المدينة بعد سنوات من القمع والقيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع، بالتزامن مع تحديات يومية تتراوح بين أزمة الكهرباء والمياه والبطالة المتزايدة.
اجتماعات سياسية ومجتمعية لأول مرة
وقال سامر عباس في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، إن سقوط النظام السابق فتح المجال أمام عودة الحياة السياسية إلى مدينة بانياس، حيث شهدت المدينة تظاهرات واعتصامات واجتماعات سياسية ومجتمعية لأول مرة منذ عقود. “ولم تمانع غرفة العمليات العسكرية الجديدة هذه الفعاليات، بل قامت بتأمينها وحمايتها”.
وشملت الاجتماعات منظمات مجتمع مدني وأحزابًا يسارية ويمينية وليبرالية، مما يشير إلى انفتاح غير مسبوق على التنوع السياسي.
وعلى صعيد الخدمات الأساسية، تعاني بانياس، كما هو الحال في معظم المناطق السورية، من تقنين كهربائي شديد يصل إلى حد الانقطاع الكامل في بعض الأحيان. “المدينة تعاني تقنينًا شديدًا بالكهرباء، حيث يُوفَّر التيار لمدة ساعتين فقط مقابل 10 ساعات من القطع”، وعلى الرغم من تحسن طفيف الأسبوع الماضي، حيث أصبح التقنين ساعتين وصل و8 ساعات قطع، إلا أن الوضع ما زال بعيدًا عن المستويات المقبولة، حسب عباس.
وفي حين أن المياه ليست مشكلة داخل المدينة نفسها، وفق عباس، فإن ريف بانياس يعاني أزمات مركبة بسبب نقص المياه الصالحة للشرب. “بعض القرى شهدت حالات نزوح باتجاه المدينة نتيجة انعدام المياه، خاصة في فصل الصيف حيث تتفاقم المشكلة بسبب ارتفاع درجات الحرارة واستنزاف الخزانات المائية”.
تحسن في الخدمات رغم الأزمات
على الجانب البيئي، يبدو أن عمل البلدية لم يتوقف حتى في ظل التحولات الكبرى التي شهدتها المدينة. “هناك تحسنٌ ملحوظٌ في مستوى النظافة، وهو تحسن يعزى بشكل كبير إلى نشاط جمعيات المجتمع المدني التي ساهمت في تعزيز الجهود المحلية لتحسين الوضع البيئي”.
ورغم انخفاض أسعار بعض السلع الغذائية بعد انخفاض سعر صرف الدولار، إلا أن الوضع المعيشي في بانياس يشهد تدهورًا كبيرًا، فقد ارتفعت أسعار المحروقات والنقل بشكل حاد، مما ضاعف معاناة المواطنين.
من جانبه، أكد عمار العمار، أحد سكان المدينة، في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، أن “الوضع الاقتصادي متردٍ عند غالبية الناس، وشراء الحاجيات الأساسية بات هاجسًا يوميًا”.
ورغم أن المواد الغذائية متوفرة في الأسواق، فإن القدرة الشرائية للمواطنين ضعيفة للغاية. “سعر الغاز يبلغ حوالي 22 ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد في السوق السوداء، بينما يبلغ سعر أسطوانة الغاز عبر المعتمدين حوالي 160 ألف ليرة، أما البطاطا، فهي تختلف حسب الكمية المطلوبة، حيث يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى حوالي 6 آلاف ليرة، أما البندورة، فتراوح أسعارها بين 6 إلى 8 آلاف ليرة للكيلوغرام”.
ارتفاع معدل البطالة بين الشباب
وإلى جانب الأزمات الاقتصادية، يواجه سكان بانياس تحديًا كبيرًا يتمثل في ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والشابات الذين تم تسريحهم من وظائفهم الحكومية أو العسكرية بعد سقوط النظام السابق. “البطالة تمثل قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الاجتماعي في المدينة”، وفق سامر عباس، الذي شدد على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهذه المشكلة، مثل تقديم بدل نقدي للطلاب والموظفين أو توفير وسائل نقل مجانية للتخفيف من العبء المالي عليهم.
أما التحديات الأمنية، فلا تزال المؤشرات الأولية تشير إلى أن الأمور تحت السيطرة ولم تصل إلى مستوى يستدعي تحركات كبيرة، ومع ذلك، فإن استمرار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية قد يؤدي إلى تصاعد التوترات إذا لم يتم التعامل معها بجدية، وفق ذات المصادر.
وبالنظر إلى المشاريع التنموية، فإن المدينة وريفها لم يشهدا أي مشاريع جديدة منذ فترة طويلة، وتقتصر جهود الإدارة الجديدة على تقديم خدمات الطوارئ وإصلاح الأعطال، مثل صيانة آبار المياه والمحولات الكهربائية، وهذه الجهود رغم أهميتها، لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.
وبينما تعود الحياة السياسية إلى بانياس، تظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية عائقًا كبيرًا أمام تحقيق تقدم حقيقي، فهل ستتمكن المدينة من تجاوز هذه العقبات وبناء مستقبل أفضل لأبنائها؟ الجواب يعتمد على قدرة الجهات المسؤولة على وضع سياسات شاملة تعالج الأزمات المعيشية والاقتصادية، وتخلق فرص عمل للشباب.