أكد عادل شخيص، أحد سكان مدينة اللاذقية، في حديثه لمنصة “سوريا 24“، أن المدينة تشهد تحديات كبيرة في ظل تدهور الخدمات الأساسية، خاصة فيما يتعلق بتوافر المياه والكهرباء، مما فتح المجال أمام تجار الأزمات لاستغلال حاجة السكان بشكل صارخ.
ارتفاع الأسعار وشح الموارد
ومع عودة الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها بعد استقرار الوضع الأمني، تبرز معاناة الأهالي جراء ارتفاع الأسعار وشح الموارد الأساسية، في وقت تسعى فيه السلطات المحلية لاستعادة الخدمات وضبط الأوضاع.
وأوضح شخيص أن المدينة تعاني من انقطاع تام للتيار الكهربائي منذ ثلاثة أيام، مما أدى إلى توقف تشغيل الأمبيرات والمولدات في العديد من الأحياء.
وأضاف أن المياه غير متوفرة حاليًا، مع استمرار محاولات إصلاح الأعطال الفنية، مشيرًا إلى أن عودتها قد تكون ممكنة خلال اليومين المقبلين.
وفي ظل هذا الوضع، يعتمد الأهالي على صهاريج المياه التي يوفرها فاعلو الخير، بينما يبيعها التجار بسعر مرتفع يصل إلى 20 دولارًا للصهريج الواحد.
ولم يقتصر الاستغلال على صهاريج المياه، بل امتد إلى بيع المياه المعدنية بأسعار خيالية، حيث يصل سعر 12 عبوة صغيرة إلى 5 دولارات، مما يثقل كاهل الأسر التي تعاني أصلًا من ضعف القدرة الشرائية.
ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه الأسواق ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الخضراوات، إذ قفز سعر كيلو الباذنجان من 10 آلاف ليرة سورية إلى 25 ألف ليرة، مما يعكس جشع التجار وسط الأزمة.
تباين الآراء حول عمل الأفران
|في المقابل، أكد ممثل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عبد الوهاب السفر، خلال جولة تفقدية لمخابز محافظة اللاذقية، أن جميع المخابز العامة في محافظتي اللاذقية وطرطوس تعمل بطاقتها الإنتاجية الكاملة على مدار الساعة.
وأوضح أن الوزارة توفر الدقيق من المطاحن التابعة لها للمخابز العامة والخاصة بكميات كافية لتلبية احتياجات المواطنين وتخفيف الازدحام. ومع ذلك، أشار السكان إلى أن ثلاثة أفران فقط تعمل فعليًا في المدينة، مما يتسبب في ازدحام كبير أمامها.
من جانبه، أكد محافظ اللاذقية محمد عثمان، في تصريح صحفي، أن المدينة شهدت تحسنًا ملحوظًا في الوضع الأمني، مع بدء الحياة تعود تدريجيًا إلى طبيعتها.
وأشار إلى أن السلطات تعمل على إعادة تفعيل خدمات الكهرباء والمياه التي تعرضت للتدمير خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى التعاون مع الجهات المعنية لملاحقة فلول النظام السابق الذين يشكلون تهديدًا مستمرًا، قائلًا: «نعمل جاهدين لتلبية احتياجات المواطنين وضمان بيئة آمنة ومستقرة».
مبادرات إنسانية لدعم الأهالي
وفي سياق متصل، يواصل مشفى اللاذقية الوطني تقديم الخدمات الطبية والإسعافية للمواطنين، فيما تنتشر قوات إدارة الأمن العام بكثافة في المدينة لتعزيز الأمن والاستقرار. كما تشهد منطقة القدموس بريف طرطوس حملة تمشيط واسعة للبحث عن الأسلحة في المنازل، في إطار الجهود المستمرة لضبط الأوضاع.
ووسط هذه التحديات، برزت مبادرات إنسانية لدعم السكان، حيث تقدم جمعيات أهلية مساعدات للمحتاجين، إلى جانب تنظيم وجبات إفطار وسحور لقوات الأمن العام التي تبذل جهودًا كبيرة في حفظ الأمن.
ورغم الجهود الرسمية والمجتمعية، يبقى استغلال التجار لاحتياجات الأهالي الأساسية، خصوصًا المياه، التحدي الأبرز الذي يفاقم معاناة السكان. ففي ظل غياب الحلول السريعة لأزمة المياه والكهرباء، يجد الأهالي أنفسهم مضطرين لدفع أسعار باهظة لتأمين احتياجاتهم اليومية، مما يثير تساؤلات حول مدى فعالية الرقابة على الأسواق ومحاسبة المستغلين في هذه الظروف الصعبة.
وتظل اللاذقية، كغيرها من المدن الساحلية السورية، تواجه اختبارًا صعبًا بين استعادة الاستقرار ومواجهة جشع تجار الأزمات الذين يستغلون كل فرصة لتحقيق أرباح على حساب معاناة الناس.